Reblogged
وفي أزمنة الاضطراب ، وكثرة الحوادث والنوازل ، والفتن المتسارعة : تضطرب النفوس وتنجذب إلى تلك النوازل، حتى يشق على العقل العلم والعمل ، واستيعاب مهمات الأمور وأولوياتها ، وتحتاج العقول إلى مجاهدة النفس مجاهدة شديدة قوية تدفعها إلى العلم والعمل ، وغالبا ما تكون مقصرة ،وفي هذا جاء الحديث أن العبادات في مثل هذه الأزمنة أعظم أجرا وأكثر ثوابا ، قال عليه الصلاة والسلام (العبادة في الهرج كهجرة إلي) والهرج : كثرة الفتن الموجبة للتقاتل بين الناس ، وحينها تسلب النفوس من العقول وعيها ويقظتها ،كما في الحديث الآخر ( إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان) ، وكل وقت تنجذب فيه النفس إلى ما يجعلها مضطربة فإنها تحتاج من العقل إلى شدّها إليه، وهذا عسير وبمقدار ذلك تكون منزلة في العلم والعمل والثواب عليهما.
وكلما كانت النفوس سوية متوازنة ، كان تأثيرها في العقل ضعيفا تاركة له أن يستوعب العلم ويستعمله بلا مساومة ولا مقاومة، فضلا عن الاستبداد عليه ، وفي أزمنة كثرة الحوادث والفتن يقلّ تحصيل العلم ، لإن النفوس مضطربة فشغلت العقول عنه.
الفصل بين النفس والعقل - الشيخ عبدالعزيز الطريفي