فلسفة ديفيد هيوم

‫ﻓﻠﺴﻔﺔ د ﻔ ﺪ ﻫﻴﻮم‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬أ ف ﻣﻨﺼﻮر‬ ‫‪‬‬ ‫ﻣﻘﺪﻣ ـﺔ‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ﺣ ﺎﺗﻪ وأﻋﻤﺎﻟﻪ‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫‐ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ‬ ‫دراﺳﺔ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ‬ ‫ﺛﺎﻧ ﺎ‬ ‫‐ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪:‬‬ ‫‪ ‐ 1‬ﻧﻈـ ــﺮة ﻋﺎﻣـ ــﺔ ﻋ ـ ـ ﻛﺘـ ــﺎب » ﺤـ ــﺚ‬ ‫اﻹ ﺴﺎﻧ ﺔ«‪.‬‬ ‫‪ ‐ 2‬اﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت واﻷﻓ ﺎر‪.‬‬ ‫‪ ‐ 3‬ﻣﻠ ﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‐ 4‬اﻟﺠﻮاﻫﺮ‪.‬‬ ‫‪ ‐ 5‬اﻟﺴ ﺒ ﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‐ 6‬اﻻﻋﺘﻘﺎد‪.‬‬ ‫‪ ‐ 7‬اﻻﺣﺘﻤﺎل‪.‬‬ ‫‪ ‐ 8‬اﻟﻬ ﺔ اﻟﺸﺨﺼ ﺔ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‬ ‫‐ اﻷﺧﻼق‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ﺧﺎﺗﻤ ـﺔ‬ ‫ﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌـ ــﺔ‬ ‫ﻓﻠﺴﻔﺔ د ﻔ ﺪ ﻫﻴﻮم‬ ‫) ‪(1776 ‐ 1711‬‬ ‫ﻣﻘﺪﻣ ـﺔ‪:‬‬ ‫د ﻔ ـ ــﺪ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻫ ـ ــﻮ ﻓ ﻠﺴ ـ ــﻮف اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ذﻟ ـ ــﻚ ﻷن ﻋﻤﻠ ـ ــﻪ‬ ‫اﻷﺳ ـ ــﺎ ﺗﻤﺜ ـ ــﻞ ﻛﺘﺎ ـ ــﻪ اﻟﺸ ـ ــﻬ » ﺤ ـ ــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ« واﻟ ـ ــﺬي‬ ‫أﺻ ـ ــﺪرە ﺟ ـ ــﺰﺋ ﻋ ـ ــﺎ ‪ 1729‬و‪ .1740‬وﻫ ـ ــﻮ ﻌ ـ ــﺪ ﻓ ﻠﺴ ـ ــﻮف اﻟﻄﺒ ﻌـ ـ ـﺔ‬ ‫اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﻷﻧ ــﻪ وﺿ ــﻊ ﻧﻈ ــﺔ ﻣﺘ ﺎﻣﻠ ــﺔ ﺗﻔ ـ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ واﻷﺧ ــﻼق واﻟﺴ ﺎﺳ ــﺔ‬ ‫واﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻞ واﻻﻗﺘﺼﺎد أ ﻀﺎ‪ ،‬ﻋ أﺳﺎس اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ﻤﻌـ أن ــﻞ‬ ‫ﻣ ــﺎ ﻳ ﺘﺠ ــﻪ اﻹ ﺴ ــﺎن ﻣ ــﻦ ﻋﻠ ــﻮم وﻣﻌ ــﺎرف وﻧﻈ ــﻢ ﻣ ـوط ﻄﺒ ﻌﺘ ــﻪ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ‬ ‫اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﺼﻔﺔ أﺳﺎﺳ ﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣــﻦ اﻟﺮﻏ ــﺎت واﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت واﻟﻤﺸــﺎﻋﺮ‬ ‫واﻻﻋﺘﻘ ــﺎدات‪ ،‬وﻣ ــﻦ ﺑ ــﺔ ذﻫﻨ ــﺔ ﻣﻌﻴﻨ ــﺔ ﻗﻮاﻣﻬ ــﺎ ﻣﻠ ــﺎت ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ ﺗﻘ ــﻒ ﻋ ـ‬ ‫رأﺳﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ اﻹدراك اﻟﺤ ‪ ،‬واﻟﻤﺨ ﻠﺔ واﻟﻔﻬﻢ‪.‬‬ ‫وﻋـ ـ أﺳ ــﺎس ﻧﻈ ﺘ ــﻪ اﻟـ ـ وﺿ ــﻌﻬﺎ » ﺤ ــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ«‬ ‫وﺿـ ـ ــﻊ ﻫﻴـ ـ ــﻮم ـ ـ ــﻞ أﻋﻤﺎﻟـ ـ ــﻪ اﻟﻔﻠﺴـ ـ ــﻔ ﺔ اﻟﺘﺎﻟ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وأﻫﻤﻬـ ـ ــﺎ » ﺤـ ـ ــﺚ اﻟﻔﻬـ ـ ــﻢ‬ ‫اﻹ ﺴـ ــﺎ « )‪ (1748‬وﻓ ـ ــﻪ ﻌ ـ ــﺪ ﻋـ ــﺮض اﻟﺠـ ــﺰء اﻟﺨـ ــﺎص ﺑﻨﻈ ـ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ‬ ‫» ﺤﺚ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ﺔ« ﻣﻊ ﻣ ــﺪ ﻣــﻦ اﻟﺘﻮﺿــﻴﺢ و ﺿــﻔﺎء اﻟﻄــﺎﺑﻊ اﻟ ﺴـ‬ ‫ﻋ ـ ﻧﻈ ﺘ ــﻪ‪ ،‬و» ﺤ ــﺚ ﻣ ــﺎدئ اﻷﺧ ــﻼق« )‪ (1751‬وﻫ ــﻮ أ ﻀ ــﺎ ﻔﺼ ــﻞ ﻣ ــﺎ‬ ‫ﻋﺮﺿــﻪ ﻧﻔــﺲ اﻟﻤﻮﺿـ ع ﺤــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻣــﻊ ﻣ ــﺪ ﻣــﻦ اﻟﺘﻮﺳــﻊ‪.‬‬ ‫و ﺳ ـ ـ ﻴﻨﺎت اﻟﻘ ـ ــﺮن اﻟﺜ ـ ــﺎﻣﻦ ﻋ ـ ـ ا ﺸ ـ ــﻐﻞ ﻛﺘﺎ ـ ــﻪ »ﻣﺤ ـ ــﺎورات اﻟ ـ ــﺪﻳﻦ‬ ‫اﻟﻄﺒـ ـ ـ « وﻓ ـ ــﻪ ـ ــﺪرس اﻷد ـ ــﺎن اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟﺴ ـ ــﺎ ﻘﺔ ﻋـ ـ ـ ﻇﻬ ـ ــﻮر اﻷد ـ ــﺎن‬ ‫اﻟﺴــﻤﺎو ﺔ و ــﺖ ﻛ ــﻒ أن اﻟــﺪﻳﻦ ﻇــﺎﻫﺮة ﺻــﺎدرة ﻋــﻦ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ وﻛ ــﻒ‬ ‫أن اﻷد ﺎن اﻟﺴــﻤﺎو ﺔ ﺗﻌــﺪ ﺗﻄــﻮرا ﻋــﻦ اﻷد ــﺎن اﻟ ﺪاﺋ ــﺔ‪ .‬وﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻨﻈــﺮ إ ﻫﻴــﻮم‬ ‫ﻋـ ـ ـ أﻧ ـ ــﻪ ﻓ ﻠﺴ ـ ــﻮف اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ـ ﺔ ﻷﻧ ـ ــﻪ أﺳ ـ ــﺲ ـ ــﻞ ﻓﻠﺴ ـ ــﻔﺘﻪ ﺄﺟﺰاﺋﻬ ـ ــﺎ‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ واﻷﺧﻼﻗ ـ ــﺔ واﻟﺴ ﺎﺳ ـ ـ ﺔ واﻟﺪﻳ ـ ــﺔ ﻋ ـ ـ أﺳـ ــﺎس اﻧﻄـ ــﻼق ـ ــﻞ ﻫـ ــﺬە‬ ‫‪2‬‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻣﻦ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻹ ﺴﺎﻧ ﺔ‪.‬‬ ‫ﺣ ﺎﺗﻪ وأﻋﻤﺎﻟﻪ‪:‬‬ ‫وﻟـ ــﺪ د ﻔ ـ ــﺪ ﻫﻴـ ــﻮم ﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ أدﻧ ـ ـ ة ﺎﺳـ ــﻜﺘﻠﻨﺪا ﺷـ ــﻤﺎل إﻧﺠﻠـ ـ ا ﺳـ ــﻨﺔ‬ ‫‪ 1711‬ﻷب ﻌﻤـ ــﻞ ﻣﺤﺎﻣ ـ ــﺎ‪ .‬ﺗـ ــﻮ أﺑـ ــﻮە وﻫـ ــﻮ اﻟﺜﺎﻟﺜـ ــﺔ ور ـ ــﺎە ﻋﻤ ـ ـﻪ ﺟـ ــﻮرج‬ ‫اﻟـ ــﺬي ـ ــﺎن را ﻛﻨ ﺴـ ــﺔ ﻣ ﺸـ ــﺪد‪ .‬و ﺳـ ــﻨﺔ ‪ 1722‬اﻟﺘﺤـ ــﻖ ﻫﻴـ ــﻮم وﻫـ ــﻮ‬ ‫اﻟﺤ ــﺎدة ﻋ ـ ﻤﺪرﺳ ــﺔ أدﻧ ـ ة اﻟ ـ ﺳ ــﻮف ﺗﺼ ــﺒﺢ ﻓ ﻤ ــﺎ ﻌ ــﺪ ﺟﺎﻣﻌ ــﺔ ﺷ ــﻬ ة‪.‬‬ ‫ودرس ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻢ اﻟﻔ ـ ــﺎء اﻟ ـ ــﺬي ـ ــﺎن ﺴ ـ ـ آﻧـ ــﺬاك ﺎﻟﻔﻠﺴـ ــﻔﺔ اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫وﺗﻌــﺮف ﻓﻴﻬــﺎ ﻋ ـ ﻧﻈ ــﺔ ﻧﻴــﻮﺗﻦ‪ ،‬وﺗﻠ ـ ﺗﻌﻠ ﻤــﺎ راﻗ ــﺎ اﻵداب اﻟ ﻼﺳ ـ ﻜ ﺔ‬ ‫اﻟﻼﺗ ﻨ ــﺔ اﻟ ـ ﻋﺮﻓﺘ ــﻪ ﻋ ـ أﻋﻤ ــﺎل اﻟﻤ ــﺪارس اﻟﻴﻮﻧﺎﻧ ــﺔ اﻷﺑ ﻘﻮر ــﺔ واﻟﺮواﻗ ــﺔ‬ ‫اﻟ ﺳﻮف ﺴﻬﻢ ﺸﻜ ﻞ ﻓﻜﺮە اﻟﻔﻠﺴـ ‪ .‬و ﻗﺮاءاﺗــﻪ ﺗﻌــﺮف ﻫﻴــﻮم ﻋـ‬ ‫أﻋﻤــﺎل اﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ اﻟﻤﺤــﺪﺛ وﻋـ رأﺳــﻬﻢ ﺑ ﻜــﻮن وﻣــﺎﻟ ا ﺶ و ﺎ ــﻞ‪ .‬وﻋﻤــﻞ‬ ‫ﺎﻟﺘﺠﺎرة ﻟﻔ ة وﺟ ة ﺑ ﺴﺘﻮل‪ ،‬ﻟ ــﻦ اﻟﺤ ـﺎة اﻟﺘﺠﺎر ـﺔ ﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ ﺴــﺘﻬ ﻪ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أورو ــﺎ وﺧﺎﺻــﺔ ﻓﺮ ﺴــﺎ‪ ،‬ﺛــﻢ اﺳــﺘﻘﺮ ﻟﻔ ـ ة ﻣﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ﻓﻔﻀــﻞ اﻟﺴــﻔﺮ ﻣﺘــﻨﻘ‬ ‫ﻻﻓ ﺶ ﻏﺮب ﻓﺮ ﺴﺎ ﺣ ﺚ ﻛﺘﺐ أﺣﺪ أﻫﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ وﻫﻮ » ﺤﺚ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ‬ ‫اﻟ ـ ـ ﺔ«‪ .‬وﻋ ـ ــﺎد إ ﻟﻨ ـ ــﺪن ﺳ ـ ــﻨﺔ ‪ 1737‬ﻟﻴ ـ ـ اﻟ ﺘ ـ ــﺎب‪ ،‬ﻟ ﻨ ـ ــﻪ ﻟ ـ ــﻢ ﺤ ـ ــﻆ‬ ‫ﺎﻟﻨﺠـ ــﺎح اﻟـ ــﺬي ـ ــﺎن ﻳﺘﻮﻗﻌـ ــﻪ ﻣﻨ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻫـ ــﺬا ﻫ ـ ــﻮ اﻟﺴ ـ ـ ﺐ أﻧ ـ ــﻪ أﻋـ ــﺎد وﺿ ـ ــﻊ‬ ‫ﻓﻠﺴـ ــﻔﺘﻪ ﺻـ ــﻮرة أ ﺤـ ــﺎث أﺻـ ــﻐﺮ » ﺤـ ــﺚ اﻟﻔﻬـ ــﻢ اﻷ ﺴـ ــﺎ « ﺳـ ــﻨﺔ‬ ‫‪ ،1746‬و» ﺤﺚ ﻣ ﺎدئ اﻷﺧﻼق« ﺳﻨﺔ ‪.(1)1751‬‬ ‫ﻫ ﺸﺴـ ــﻮن ‪Hatcheson‬‬ ‫وﺗﻌـ ــﺮف ﻫﻴـ ــﻮم ﻌـ ــﺪ ﻋﻮدﺗـ ــﻪ إ ﻟﻨـ ــﺪن ﻋ ـ ـ‬ ‫اﻟﻔ ﻠﺴﻮف اﻻﺳﻜﺘﻠﻨﺪي اﻟﺬي ــﺎن ﺸــﻐﻞ ﻣﻨﺼــﺐ أﺳــﺘﺎذ اﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﺠﺎﻣﻌــﺔ‬ ‫ﺟﻼﺳــﺠﻮ‪ ،‬و ــﺎن ﻫ ﺸﺴــﻮن أﺳــﺘﺎذ آدم ﺳ ـﻤ ﺚ اﻟﻤﻔﻜــﺮ اﻻﻗﺘﺼــﺎدي اﻟﺸــﻬ‬ ‫ﺣ ﺚ ﺗﻌﺮف ﻋﻠ ﻪ ﻫﻴﻮم ﻋــﻦ ﻃ ﻘــﻪ‪ .‬و ﺳــﻨﺔ ‪ 1746‬ﻋﻤـﻞ ﻫﻴــﻮم ﺳــﻜﺮﺗ ا‬ ‫ﻟـ ــﺪى اﻟﺠ ـ ـ ال ﺳـ ــﺎﻧﺖ ﻠ ـ ـ ‪ ،‬وﺻـ ــﺤ ﻪ ﻣﻌـ ــﻪ ﻣﻬـ ــﺎم د ﻠﻮﻣﺎﺳ ـ ـ ﺔ إ ﻓﻴ ﻨـ ــﺎ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﺩ‪ .‬ﻋﺒــﺪ ﺍﻟــﺮﺣﻤﻦ ﺑــﺪﻭﻱ‪ :‬ﻣﻮﺳــﻮﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺠــﺰء ﺍﻟﺜــﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻣــﺎﺩﺓ ﺩﻳﻔﻴــﺪ ﻫﻴــﻮﻡ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺮﻭﺕ‪1984 ،‬ﻡ‪ .‬ﺹ‪.612-611‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﺎﻟﻨﻤﺴﺎ وﺗﻮر ﻨﻮ ﺑ ﻄﺎﻟ ﺎ‪ .‬و ﺎن ﻫﻴﻮم ﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻟﻨ ﻞ وﻇ ﻔﺔ أﺳﺘﺎذ ﻟﻠﻔﻠﺴــﻔﺔ‬ ‫ﺠﺎﻣﻌـ ـ ــﺔ ﺟﻼﺳـ ـ ــﺠﻮ ﺳـ ـ ــﻨﺔ ‪ ،1741‬ﻟ ـ ـ ـﻦ ﻃﻠ ـ ـ ــﻪ ﻗـ ـ ــﺪ رﻓـ ـ ــﺾ ﻧﻈ ـ ـ ـﺮا ﻟ ﺸـ ـ ــﺪد‬ ‫اﻟﻤﺘ ــﺪﻳﻨ ﻫﻨ ــﺎك‪ .‬وﻋ ــﺎد ﺳ ــﻨﺔ ‪ 1751‬ﻟﻠﺘﻘ ــﺪم ﻟ ــﻨﻔﺲ اﻟﺠﺎﻣﻌ ــﺔ‪ ،‬ﻓ ــﺄﺧﻔﻖ‬ ‫ﻧ ــﻞ اﻟﻮﻇ ﻔ ــﺔ أ ﻀ ــﺎ‪ ،‬ﻣﻤ ــﺎ ﺟﻌﻠ ــﻪ ﻳ ﺤ ــﺚ ﻋ ــﻦ وﻇ ﻔ ــﺔ أﺧ ــﺮى و ﻣﺤ ــﺎﻓﻆ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌ ــﺔ أدﻧـ ـ ة ﺳـ ــﻨﺔ ‪ .1752‬وﻫﻨ ــﺎك ﺗﻤﻜ ــﻦ ﻣـ ــﻦ‬ ‫ﻣﻜﺘ ــﺔ ﻠ ــﺔ اﻟﻤﺤـ ــﺎﻣ‬ ‫اﻻﻃﻼع ﻋ اﻟ ﺘﺐ واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺴــﺠﻼت اﻟـ ﻣﻜﻨﺘــﻪ ﻣــﻦ ﺗــﺄﻟ ﻒ ﻛﺘﺎ ــﻪ ﻋـﻦ‬ ‫ﺗ ــﺎر ــﺦ إﻧﺠﻠـ ـ ا اﻟ ــﺬي اﺳ ــﺘﻐﺮق ﻣﻨ ــﻪ اﻟﻔـ ـ ة ﻣ ــﻦ ‪ 1754‬إ ‪ .1761‬و ﻫ ــﺬا‬ ‫اﻟ ﺘ ــﺎب اﺗﺒ ــﻊ ﻫﻴ ــﻮم ﻃ ﻘ ــﺔ ﺟﺪ ــﺪة ﻏ ـ ﻣﺴ ــﺒﻮﻗﺔ ﻛﺘﺎ ــﺔ اﻟﺘ ــﺎر ــﺦ‪ ،‬إذا ــﺪأ‬ ‫ً‬ ‫ﺎﻷﺣ ـ ــﺪث ﻣﺘ ـ ــﻨﻘ إ اﻷﻗ ـ ــﺪم‪ ،‬ﺣ ـ ــﺚ ـ ــﺪأ ﺤ ـ ــﻢ ﺟ ـ ـ ﻤﺲ اﻟﺜ ـ ــﺎ )‪‐1430‬‬ ‫ً‬ ‫‪ (1460‬ﻣﻨــﺘﻘ ﻣﻨــﻪ إ اﻟــﻮراء ﺣ ـ وﺻــﻞ إ ﻏــﺰو ﻳﻮﻟﻴــﻮس ﻗ ـ ﻹﻧﺠﻠ ـ ا‬ ‫ﺳﻨﺔ ‪ 55‬ق‪.‬م)‪.(1‬‬ ‫و ـ ﺳــﻨ ‪ 1763‬و‪ 1766‬ﺷــﻐﻞ ﻫﻴــﻮم ﻣﻨﺼــﺐ ﺳــﻜﺮﺗ اﻟﺴــﻔﺎرة‬ ‫اﻹﻧﺠﻠ ــﺔ ـ ــﺎر ﺲ‪ ،‬وﻫﻨـ ــﺎك ﺗﻌـ ــﺮف ﻋـ ـ أﺷـ ــﻬﺮ اﻟﻔﻼﺳـ ــﻔﺔ اﻟﻔﺮ ﺴـ ــﻴ‬ ‫وأﻫﻤﻬ ـ ــﻢ أﺻ ـ ــﺤﺎب اﻟﻤﻮﺳ ـ ــﻮﻋﺔ اﻟ ـ ــﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓ ـ ــﻮا ﻤ ـ ــﺬﻫﺒﻬﻢ اﻟﻤ ـ ــﺎدي وﻫ ـ ــﻢ‬ ‫داﻟﻤﺒ ـ ـ ود ـ ــﺪرو ودوﻟ ـ ــﺎك وﻫﻠﻔﺴـ ــﻴﻮس‪ .‬و ﻌـ ــﺪ أن ﻋـ ــﺎد إ ﻟﻨـ ــﺪن ﺳـ ــﻨﺔ‬ ‫‪ 1766‬ﻃﻠ ـ ــﺖ ﻣﻨ ـ ــﻪ اﻟ ﻮﻧﺘ ﺴ ـ ــﺔ اﻟﻔﺮ ﺴ ـ ـ ﺔ ﺑﻮﻓﻠ ـ ــﻮر ‪ Boufflers‬أن ﻳ ـ ــﻮﻓﺮ‬ ‫ﻟﺠﺎن ﺟﺎك روﺳﻮ ﻣ ﺎﻧﺎ ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ إﻧﺠﻠ ا ﻌﺪ أن ﻃﺮدﺗــﻪ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺟﻨ ــﻒ‪.‬‬ ‫واﺳ ــﺘﺠﺎب ﻫﻴ ــﻮم ﻟﻄﻠﺒﻬـ ــﺎ واﺻ ــﻄﺤﺐ ﻣﻌ ــﻪ روﺳ ــﻮ إ ﻟﻨ ــﺪن‪ ،‬ﻟ ــﻦ ﺣ ــﺎة‬ ‫اﻟﻤ ــﺪن اﻟ ﺒـ ـ ة ﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻦ ﺗ ــﺮوق ﻟﺮوﺳـ ــﻮ‪ ،‬ﻓ ــﻮﻓﺮ ﻟ ــﻪ ﻫﻴ ــﻮم ﺑ ﺘ ــﺎ اﻟ ـ ــﻒ‪.‬‬ ‫وﻫﻨـ ــﺎك ﺷـ ــﺐ ﻧ ـ ـﺰاع ﺑ ﻨﻬﻤـ ــﺎ‪ ،‬ـ ــﺎن ﺳ ـ ـ ﻪ اﺧـ ــﺘﻼف آراﺋﻬﻤـ ــﺎ وﻣ ـ ـﺰاج روﺳـ ــﻮ‬ ‫ووﺳ ــﺎوس‬ ‫اﻟﺴ ــﻮداوي واﻟ ﺌ ــﺐ وﻧﻔﺴ ـ ﺘﻪ اﻟﻤ ﺎﻟ ــﺔ إ اﻟﺸ ــﻚ ﻣ ــﻦ ــﻞ‬ ‫ﻣ ــﻦ‬ ‫اﻻﺿ ــﻄﻬﺎد واﻟﻤﻄ ــﺎردة‪ ،‬ﺣ ــﺚ ــﺎن ﻫﻴ ــﻮم أﺣ ــﺪ اﻷﺻ ــﺪﻗﺎء اﻟﻤﻘـ ـ‬ ‫ﻓﻼﺳ ــﻔﺔ اﻟﻤﻮﺳ ــﻮﻋﺔ أﻟ ــﺪ أﻋ ــﺪاء روﺳ ــﻮ‪ .‬وأﺧ ـ ا ﺷ ــﻚ روﺳ ــﻮ أن اﻟﺤﻜﻮﻣ ــﺔ‬ ‫اﻟ ﻄﺎﻧ ﺔ ﺗ ﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﻋﻦ ﻃ ﻖ ﻫﻴﻮم‪ ،‬ﻓﻬــﺮب ﻣــﻦ إﻧﺠﻠـ ا إ ﻓﺮ ﺴـﺎ‪ .‬و‬ ‫ً‬ ‫ﺳ ــﻨﺔ ‪ 1767‬ﺻ ــﺎر ﻫﻴ ــﻮم وﻛـ ـ ﻟﻠ ــﻮزارة‪ ،‬و ﺳ ــﻨﺔ ‪ 1769‬ﻋ ــﺎد إ أدﻧـ ـ ة‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ :‬ﺹ‪.613‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﻣﺴ ـ ــﻘﻂ رأﺳ ـ ــﻪ اﺳ ـ ــﻜﺘﻠﻨﺪا‪ ،‬ﺣ ـ ــﺚ ﻗ ـ ـ ﻓﻴﻬ ـ ــﺎ اﻟﺴ ـ ــﻨﻮات اﻟ ﺎﻗ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫ﺣ ﺎﺗﻪ‪ ،‬وﺻــﺎدق ﻓﻴﻬــﺎ آدم ﺳــﻤ ﺚ اﻟــﺬي ﺗــﺄﺛﺮ ﺄﻓ ــﺎر ﻫﻴــﻮم ﻛﺘﺎ ــﺔ ﻋﻤﻠــﻪ‬ ‫اﻷﺳـ ـ ــﺎ »ﺛـ ـ ــﺮوة اﻷﻣـ ـ ــﻢ« ﺳـ ـ ــﻨﺔ ‪ .1776‬و ﻧﻔـ ـ ــﺲ ﻫـ ـ ــﺬە اﻟﺴـ ـ ــﻨﺔ ﺗـ ـ ــﻮ‬ ‫ﻫﻴﻮم)‪.(1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ :‬ﺹ ‪.614-613‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ً‬ ‫أو ‐ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ‬ ‫دراﺳﺔ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ‬ ‫ﺔ‪:‬‬ ‫ﻳﻨﻈــﺮ ﻫﻴــﻮم إ ــﻞ ﻣﻌﺮﻓــﺔ ﺗﺨــﺺ اﻹ ﺴــﺎن ﻋـ أﻧﻬــﺎ ﻓﻠﺴــﻔﺔ أﺧﻼﻗ ــﺔ‬ ‫‪ Moral Philosophy‬ﻤ ــﺎ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﻧﻈ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ وﻣ ﺤ ــﺚ اﻟﺴ ﺎﺳ ــﺔ واﻟ ــﺪﻳﻦ‬ ‫واﻻﻗﺘﺼ ـ ــﺎد‪ .‬وﻣﻌـ ـ ـ ﻫ ـ ــﺬا أن ﻣ ـ ــﺎ ﻔﻬﻤ ـ ــﻪ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻣ ـ ــﻦ ﻣﺼ ـ ــﻄﻠﺢ »اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻔﺔ‬ ‫اﻷﺧﻼﻗ ـ ــﺔ« ﻟ ـ ـ ﺲ ﻣﻘﺘ ـ ــا ﻋ ـ ـ ﻣـ ــﺎ ﻔﻬـ ــﻢ ﻋـ ــﺎدة ﻣﻨـ ــﻪ أﻧـ ــﻪ ﺨـ ــﺺ ﻣ ﺤـ ــﺚ‬ ‫اﻷﺧ ـ ــﻼق ‪ Ethics‬ﻓﺤﺴ ـ ــﺐ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﺗﻨﻘﺴ ـ ــﻢ اﻟﻤﻌ ـ ــﺎرف اﻟ ـ ـ ـ ﺔ إ ﻓﻠﺴ ـ ــﻔﺔ‬ ‫ﻃﺒ ﻌ ـ ــﺔ ﺗﻀ ـ ــﻢ ـ ــﻞ ﻣﻌﺎرﻓﻨ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ ـ ــﺎﻟﻤﻌ اﻟﻔ ـ ــﺎ واﻟ ﻤ ـ ــﺎ‬ ‫واﻷﺣ ــﺎ واﻟ ــﺎ ‪ ،‬وﻓﻠﺴــﻔﺔ أﺧﻼﻗ ــﺔ ﺗﻀــﻢ ــﻞ ﻣــﺎ ﺨــﺺ اﻹ ﺴــﺎن‪ ،‬وﻷن‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﻇــﺎﻫﺮة إ ﺴــﺎﻧ ﺔ واﻟﺴ ﺎﺳــﺔ واﻻﻗﺘﺼــﺎد واﻟــﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ـﺪ ﻧﻈــﺮ إﻟﻴﻬــﺎ‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ ﺗ ــﺘ إ اﻟﻔﻠﺴ ــﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗ ــﺔ‪ .‬و ــﺎن ذﻟ ــﻚ ﻣﻨﻄﻠﻘ ــﺎ ﻣ ــﻦ‬ ‫اﻻﻋﺘﻘ ـ ــﺎد أن ﻣ ـ ــﺎ ﺤ ـ ــﺪد ـ ــﻞ إﻧﺘ ـ ــﺎج إ ﺴ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻮ ﻃﺒ ﻌﺘ ـ ــﻪ اﻷﺧﻼﻗ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫اﻧﻔﻌــﺎﻻت وﻣﺸــﺎﻋﺮ وﻋﻮاﻃــﻒ و دراك ﺣ ـ وﻣﺨ ﻠــﺔ وﻓﻬــﻢ)‪ .(1‬وﻟــﺬﻟﻚ ﻓــﺈن‬ ‫ﻫﻴـ ــﻮم ﻗـ ــﺪ وﺿـ ــﻊ ﻟ ﺤﺜـ ــﻪ اﻟﻄﺒ ﻌـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ ﻋﻨﻮاﻧـ ــﺎ ﻓﺮﻋ ـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ »ﻣﺤﺎوﻟـ ــﺔ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿـ ـ ــﻮﻋﺎت اﻷﺧﻼﻗ ـ ـ ــﺔ«‪ ،‬وﻫـ ـ ــﻮ ﻘﺼـ ـ ــﺪ‬ ‫ﻹدﺧـ ـ ــﺎل اﻟﻤـ ـ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ ـ ـ ـ‬ ‫ﺎﻟﻤﻮﺿـ ــﻮﻋﺎت اﻷﺧﻼﻗ ـ ــﺔ ـ ــﻞ أﺟ ـ ـﺰاء ﻛﺘﺎ ـ ــﻪ‪ :‬اﻟﻔﻬـ ــﻢ اﻹ ﺴـ ــﺎ واﻻﻧﻔﻌـ ــﺎﻻت‬ ‫واﻷﺧﻼق‪.‬‬ ‫ﻟ ــﻢ ﻜ ــﻦ ﻫﻴ ــﻮم ﻫ ــﻮ أول ﻣ ــﻦ ﺤ ــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ﺔ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷن‬ ‫ﻫــﺬا اﻟ ﺤــﺚ ــﺎن ﻣﻼزﻣــﺎ ﻟﻠﻔﻜــﺮ اﻟﻔﻠﺴ ـ ﻣﻨــﺬ ﻇﻬــﻮرە ﻟــﺪى اﻟﻴﻮﻧــﺎن‪ ،‬ﻟ ﻨــﻪ‬ ‫ﻌ ــﺪ أول ﻣ ــﻦ ﺤ ــﺚ ﻓﻴﻬ ــﺎ اﻧﻄﻼﻗ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﻟﻤ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ ـ ‪ .‬وﻫ ــﻮ ﻘﺼ ــﺪ ﻣ ــﻦ‬ ‫ﺗ ﺒــﻊ ﻣﻮﺿــﻮﻋﺎت اﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﻣــﻦ ﻣﻌﺮﻓــﺔ وأﺧــﻼق اﻧﻄﻼﻗــﺎ‬ ‫اﻟﻤــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ ـ‬ ‫ﻣـ ــﻦ ـ ــﺪا ﺎﺗﻬﺎ اﻷو ‪ ،‬ﻓﻬـ ــﻮ ـ ــﺪرس اﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ اﻧﻄﻼﻗـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ اﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ‬ ‫واﻧﻄ ﺎﻋﺎت اﻟﺤﻮاس‪ ،‬و ﺪرك اﻷﺧﻼق اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت‪ .‬واﻟﺤﻘ ﻘﺔ‬ ‫أن اﻟ ﺪء ﺎﻹدراك اﻟﺤ ـ واﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت ﻟﺪراﺳــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ واﻷﺧــﻼق ﺠﻌــﻞ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Barry Stroud, Hume (London: Routledge and Kegan Paul,‬‬ ‫‪1977), PP. 3-6.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﻧﻈ ﺘـ ــﻪ ﺳ ـ ـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ‪ ،‬وﻫـ ــﻮ ﻌ ـ ـ ف ـ ــﺬﻟﻚ ﺎﻟﻔﻌـ ــﻞ و ـ ــﺬﻫﺐ إ أن ﻋﻠـ ــﻢ‬ ‫اﻟ ـ ــﻨﻔﺲ ﻫ ـ ــﻮ اﻟﻌﻠ ـ ــﻢ اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ اﻟﺤﻘ ـ ـ ﻋ ـ ــﻦ ﺟ ـ ــﺪارة‪ .‬واﻟﻤﻼﺣ ـ ــﻆ أن ﻋﻠ ـ ــﻢ‬ ‫اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺬي ﻔﻬﻤﻪ ﻫﻴﻮم ﻫﻮ ﻋﻠﻢ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ـ ﺔ‪ ،‬وﻟــﺬﻟﻚ ﺴــﺘﻄﻴﻊ أن‬ ‫ﻧﻔﻬﻢ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ﺔ« ﺎﻋﺘ ﺎرﻫﺎ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﻌﺎم ﻟﻔﻠﺴﻔﺘﻪ ﻋ‬ ‫أﻧﻪ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟﺴـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ ﻟﻠ ـ‪ .‬وﻟﻬــﺬا اﻟﺴـ ﺐ ﻳﻨﻈــﺮ إ ﻫﻴــﻮم ﻋـ أﻧــﻪ‬ ‫اﻟﺤﺪ ﺚ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ إرﻫﺎﺻﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﺠ‬ ‫ﻋـ ـ اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت‬ ‫ﻤ ــﺎ ﻘﺼ ــﺪ ﻫﻴ ــﻮم ﻣ ــﻦ ﺗﻄﺒﻴ ــﻖ اﻟﻤ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠـ ـ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻔ ﺔ واﻷﺧﻼﻗ ـ ــﺔ أن ﻜ ـ ــﻮن ُﻣ ـ ـح اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻠﻤ ـ ــﺎ ﻔﻌ ـ ــﻞ‬ ‫اﻟﻄﺒ ـ ـ ــﺐ ودارس اﻟﺠﺴـ ـ ــﻢ اﻹ ﺴـ ـ ــﺎ ﻋﻨـ ـ ــﺪﻣﺎ ـ ـ ـح اﻟﺠﺴـ ـ ــﻢ و ﻜﺸـ ـ ــﻒ أن‬ ‫اﻷ ﺴ ــﺠﺔ واﻟﺘﻜـ ـ ﻦ اﻟ ــﺪاﺧ ووﻇ ــﺎﺋﻒ اﻷﻋﻀ ــﺎء‪ .‬وﻫ ــﺪف ﻫﻴ ــﻮم ﻣ ــﻦ ذﻟ ــﻚ‬ ‫اﻟﻮﺻ ـ ـ ــﻮل إ اﻟﺪﻗ ـ ـ ــﺔ اﻟﻌﻠﻤ ـ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ـ ﺣﺎزﺗﻬ ـ ـ ــﺎ اﻟﻌﻠ ـ ـ ــﻮم اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ـ ــﺔ ﻣﺠ ـ ـ ــﺎل‬ ‫ــﺢ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻷﺧﻼﻗ ﺔ)‪ .(1‬ﻤﺎ ﻳﻬﺪف ﻫﻴﻮم ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻮﺻ ــﻮل إ اﻟﻤ ــﺎدئ اﻷﺳﺎﺳ ـ ﺔ اﻟﺤﺎ ﻤ ــﺔ ﻟﻬ ـﺬە اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ‪ .‬وﻗ ــﺪ أﺧ ــﺬ إ ﺤ ــﺎءە‬ ‫ذﻟــﻚ ﻣــﻦ اﻹﻧﺠــﺎز اﻟــﺬي ﺣﻘﻘــﻪ ﻧﻴــﻮﺗﻦ ﻟﻌﻠــﻢ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ أو اﻟﻔ ــﺎء‪ .‬ا ﺸــﻒ‬ ‫ً‬ ‫ﻧﻴ ــﻮﺗﻦ ﻋ ــﺪدا ﻗﻠ ـ ﻣ ــﻦ اﻟﻤ ــﺎدئ اﻟ ـ ﺗﺤ ــﻢ ــﻞ ﺣﺮﻛ ــﺔ ﻓ ﺎﺋ ــﺔ ﺳ ــﻮاء ﻋ ـ‬ ‫اﻷرض أو اﻷﻓﻼك‪ ،‬و ﻨﻈﺮ ﻫﻴﻮم إ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ﺔ ﻋ أﻧﻬــﺎ اﻟﻨﻬﺎ ــﺔ‬ ‫ﻃﺒ ﻌــﺔ‪ ،‬ﻤﻜــﻦ دراﺳــﺘﻬﺎ واﻟﻮﺻ ـﻮل ﻓﻴﻬــﺎ إ اﻟﻤ ــﺎدئ اﻷﺳﺎﺳـ ﺔ اﻟﺤﺎ ﻤــﺔ ﻟﻬــﺎ‬ ‫ﺗﻤﺎﻣ ــﺎ ﻣﺜﻠﻤ ــﺎ أﻣﻜ ــﻦ ﻟﻨﻴ ــﻮﺗﻦ أن ﻳﺘﻮﺻ ــﻞ إ ﻣ ــﺎدئ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟﻔ ﺎﺋ ــﺔ وﻷن‬ ‫اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻴﻮﺗﻮ ﻫﻮ اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻢ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ‪ ،‬ﻓﻘــﺪ ﻧﻈــﺮ ﻫﻴــﻮم أ ﻀــﺎ إ ﻋﻠــﻢ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻋ ـ أﻧ ــﻪ ﻋﻠ ــﻢ ﻟﻠﺤﺮﻛ ــﺔ‪ ،‬ﻟ ﻨﻬ ــﺎ اﻟﺤﺮﻛ ــﺔ اﻟﻨﻔﺴ ـ ﺔ ﻻ اﻟﺤﺮﻛ ــﺔ‬ ‫اﻟﻔ ﺎﺋ ـ ــﺔ‪ ،‬و ـ ــﺬﻟﻚ اﻧﻄﻠ ـ ــﻖ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﻤ ـ ــﺎدئ اﻷﺳﺎﺳ ـ ـ ﺔ اﻟ ـ ـ ﺗﺤ ـ ــﺮك اﻟ ـ ــﻨﻔﺲ‬ ‫اﻹ ﺴﺎﻧ ﺔ ﻣﺜــﻞ اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت واﻷﺣﺎﺳـ ﺲ‪ ،‬واﻟﻤﺸــﺎﻋﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴــﺎ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﻧﻈ ﺘــﻪ‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ و اﻷﺧ ـ ــﻼق)‪ .(2‬ﻟ ـ ــﻦ ﻫﻴ ـ ــﻮم اﻟ ـ ــﺬي ـ ــﺪأ ﺎﻻﻋﺘﻘ ـ ــﺎد أن ﻋﻠ ـ ــﻢ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ـ ﺔ ﺠــﺐ أن ﻜــﻮن ﻋﻠﻤــﺎ ﻟﺤﺮﻛــﺔ اﻟــﻨﻔﺲ‪ ،‬وذﻟــﻚ » ﺤــﺚ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪7‬‬ ‫‪Ibid: PP. 9-12.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Ibid: PP. 12-14.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺎﺗــﻪ اﻟﻼﺣﻘــﺔ إ اﻟﻨﻈــﺮ إ ذﻟــﻚ اﻟﻌﻠــﻢ ﻋـ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ﺔ« اﻧﺘ‬ ‫أﻧﻪ ﻋﻠﻢ وﻇﺎﺋﻒ ﻻ ﻋﻠــﻢ ﺣﺮﻛــﺔ‪ ،‬ذﻟــﻚ ﻷﻧــﻪ ا ﺸــﻒ أن ﺣﺮﻛــﺔ اﻟــﻨﻔﺲ ﺻــﺎدرة‬ ‫ﻋ ـ ــﻦ وﻇ ـ ــﺎﺋﻒ ﻟﻠ ـ ــﻨﻔﺲ‪ .‬وﻟ ـ ــﺬﻟﻚ ﻓﻬ ـ ــﻮ ﻟ ـ ــﻢ ﻄﺒ ـ ــﻖ ﻧﻤ ـ ــﻮذج اﻟﻌﻠ ـ ــﻢ اﻟﻨﻴﻮﺗ ـ ــﻮ‬ ‫ﻋﻨــﺪ ﺗﻄﺒ ﻘــﻪ ﻋـ اﻟﻤﻮﺿــﻮﻋﺎت اﻷﺧﻼﻗ ــﺔ‬ ‫ﺤﺬاﻓ ە‪ ،‬ﻷن اﻟﻤــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠـ‬ ‫ﻟــﻦ ﻜــﻮن ﺤﺜــﺎ ﻋــﻦ اﻟﺤﺮﻛــﺔ ﻣﺜﻠﻤــﺎ ﻫــﻮ اﻟﺤــﺎل ﻣــﻊ اﻟﻔ ــﺎء‪ .‬ــﻞ ﺳ ﺼــﺒﺢ ﺤﺜــﺎ‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻮﻇ ﻔﺔ‪ .‬وﻫﺬا ﻫﻮ ﺎﻟﻀ ﻂ ﻣﺎ ﻤ ﻫﻴﻮم ﻋﻦ ﺗﻮﻣﺎس ﻫ ﺰ ﻣﺜ ‪ ،‬وﻫــﻮ‬ ‫أ ﻀ ــﺎ اﻟﺴ ـ ﺐ اﻟ ــﺬي ﺟﻌ ــﻞ ﻫﻴ ــﻮم ﻳﺘﻮﺻ ــﻞ إ أن أﻓﻌ ــﺎل اﻟ ــﻨﻔﺲ ﺻ ــﺎدرة ﻋ ـﻦ‬ ‫ﻣﻠ ــﺎت ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ وأﺧﻼﻗ ــﺔ‪ ،‬وﺗﺤ ــﺪث ﺑﺘﻮﺳ ــﻊ ﻋ ــﻦ اﻹدراك اﻟﺤ ـﺲ واﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‬ ‫واﻟﻔﻬﻢ ﺎﻋﺘ ﺎرﻫﺎ ﻣﻠ ﺎت ﻣﻌﺮﻓ ﺔ‪.‬‬ ‫إن ﺳـ ﺐ إﻋﺠــﺎب ﻫﻴــﻮم ــﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﻄﺒـ اﻟﻨﻴﻮﺗــﻮ ﻫــﻮ أن ﻫــﺬا اﻟﻌﻠــﻢ‬ ‫ﻗــﺪ ﻧﺠــﺢ ﺗﻔﺴـ ﺣﺮﻛــﺔ اﻷﺟﺴــﺎم اﻷرﺿـ ﺔ واﻟﺴــﻤﺎو ﺔ ﻘﻠ ــﻞ ﻣــﻦ اﻟﻤ ــﺎدئ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣ ــﺔ واﻟ ﻠ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ــﺬا ﻣ ــﺎ ﺟﻌﻠ ــﻪ ﺤ ــﺎول دراﺳ ــﺔ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﺑ ــﻨﻔﺲ‬ ‫اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي درس ــﻪ ﻧﻴــﻮﺗﻦ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟﻔ ﺎﺋ ــﺔ‪ ،‬ﻫﺎدﻓــﺎ اﻟﺘﻮﺻــﻞ إ أﻫــﻢ‬ ‫اﻟﻘـ ـ ــﻮاﻧ واﻟﻤ ـ ـ ــﺎدئ اﻟـ ـ ـ ﺗﺤ ـ ـ ــﻢ اﻟﻄﺒ ﻌـ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ـ ﺔ واﻟﺴـ ـ ــﻠﻮك اﻹ ﺴـ ـ ــﺎ ‪،‬‬ ‫اﻷﺧ ــﻼ واﻟﻤﻌ ــﺮ واﻟﺴ ـ ﺎ واﻻﻗﺘﺼ ــﺎدي‪ .‬و ــﺎن ﻫﻴ ــﻮم ﻳﻨﻈ ــﺮ إ اﻟﻤ ــﻨﻬﺞ‬ ‫ﻋ ـ ـ أﻧ ـ ــﻪ ﻫ ـ ــﻮ اﻟﻤ ـ ــﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠ ـ ـ ‪ ،‬وأن اﻟﺪراﺳ ـ ــﺔ اﻟﻌﻠﻤ ـ ــﺔ ﻟﻠﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ‬ ‫اﻟﺘﺠ ـ ـ‬ ‫اﻟ ﺔ دراﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ ‪.‬‬ ‫رﻓ ــﺾ اﻻﻧﻄ ــﻼق ﻣ ــﻦ أي ﺗﺼ ــﻮرات‬ ‫وﻣ ــﻦ ﻣﺘﻄﻠ ــﺎت اﻟﻤ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠـ ـ‬ ‫ﻗ ﻠ ﺔ ﻣﺴـ ﻘﺔ ﻋــﻦ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ــﻞ ﺗــﺮك اﻟ ﺤــﺚ ﺄﺧــﺬ ﻣﺠـﺮاە اﻟﻄﺒـ‬ ‫ﻣﻼﺣﻈ ـﺎ ﺳ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎن ﺗﺎر ــﺎ اﻟﺘ ــﺄﻣﻼت اﻟﻘ ﻠ ــﺔ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ﻣﺜ ــﻞ‬ ‫اﻻﻓـ ـ اض ﺄﻧﻬ ــﺎ ﻃﺒ ﻌ ــﺔ ﺧـ ـ ة أو ﻃﺒ ﻌ ــﺔ ــﺮة‪ ،‬ﻣﺜﻠﻤ ــﺎ ــﺎن ﻔﻌ ــﻞ اﻟﻔﻼﺳ ــﻔﺔ‬ ‫اﻟﻘ ـ ــﺪﻣﺎء‪ ،‬وﻻ ﻤﻜ ـ ــﻦ أ ﻀ ـ ــﺎ اﻻﻧﻄ ـ ــﻼق ﻣ ـ ــﻦ ﻣﻼﺣﻈ ـ ــﺔ ﺳ ـ ــﻠﻮك اﻟ ﺎﺣ ـ ــﺚ ﻧﻔﺴ ـ ــﻪ‬ ‫واﻟﺘﺄﻣــﻞ ذاﺗــﻪ ﻋـ ﻃ ﻘــﺔ د ــﺎرت‪ .‬ذﻟــﻚ ﻷن ﻫﻴــﻮم ﻳــﺮﻓﺾ اﻟﺘﺄﻣــﻞ اﻟ ــﺎﻃ‬ ‫ﺎﻋﺘ ﺎرە وﺳ ﻠﺔ ﻳﺘﻮﺻــﻞ ﺑﻬــﺎ إ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ‪ .‬ﻫــﺬە اﻟﻄ ﻘــﺔ اﺳــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ‬ ‫د ــﺎرت‪ ،‬وﺗﻮﺻ ــﻞ ﺑﻬ ــﺎ إ أن اﻹ ﺴ ــﺎن ذو ﻃﺒ ﻌ ــﺔ ﻣﻔﻜ ــﺮة اﻷﺳ ــﺎس و ﻮﺟ ــﺪ‬ ‫‪8‬‬ ‫ﺎﻋﺘ ﺎرە ﺷ ﺌﺎ ﻣﻔﻜﺮا‪ ،‬وﻣﺎ اﻟﺠﺴــﺪ اﻹ ﺴــﺎ ﺳــﻮى ﻣﻠﺤﻘــﺎ ﺎﻟﻌﻘــﻞ‪ .‬وﻗــﺪ ﺗﻮﺻــﻞ‬ ‫د ــﺎرت إ ﻫ ــﺬە اﻟﻨ ﺠ ــﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌ ــﺔ ﻣ ــﻦ وﺟﻬ ــﺔ ﻧﻈ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم ﻷﻧ ــﻪ اﻋﺘﻤ ــﺪ ﻋ ـ‬ ‫اﻟﺘﺄﻣﻞ وﺣﺪە وﻋ اﻟﺤﺪس اﻟﺪاﺧ اﻟﺬي أﺛ ــﺖ ــﻪ وﺟــﻮد اﻷﻧــﺎ أﻓﻜــﺮ ووﺟــﻮد‬ ‫اﻹﻟ ــﻪ واﻟﻌ ــﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﻌﻜ ــﻒ اﻟﻤﻔﻜ ــﺮ ﻋ ـ ﺗﺄﻣ ــﻞ ﻓﻜ ــﺮة ذاﺗ ــﻪ وﺣﺴ ــﺐ ــﺪرك‬ ‫ﺧﻄ ــﺄ ً أﻧ ــﻪ وﺟ ــﻮد ﻣﻔﻜ ــﺮ وﺣﺴ ــﺐ‪ .‬و ﻣﻘﺎ ــﻞ د ــﺎرت ﻳ ــﺮﻓﺾ ﻫﻴ ــﻮم ﻃ ﻘ ــﺔ‬ ‫اﻟﺘﺄﻣ ــﻞ اﻟ ــﺪاﺧ ﻫ ــﺬە و ـ ـع ﺤ ــﺚ ﺳ ــﻠﻮك اﻟﻨ ــﺎس وﻣ ــﺎ ﻜﺸ ــﻒ ﻟﻨ ــﺎ ﻫ ــﺬا‬ ‫اﻟﺴـ ــﻠﻮك ﻣـ ــﻦ اﻧﻔﻌـ ــﺎﻻت وﻋﻮاﻃـ ــﻒ‪ .‬و ذﻟـ ــﻚ ﻘـ ــﻮل ﻫﻴـ ــﻮم‪ » :‬ﺠـ ــﺐ ﻋﻠﻴﻨـ ــﺎ‬ ‫ﻣﻤﺎرﺳ ـ ــﺔ ﺗﺠﺎر ﻨ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﻌﻠ ـ ــﻢ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﻤﻼﺣﻈ ـ ــﺔ اﻟﺪﻗ ﻘ ـ ــﺔ واﻟﺤ ـ ــﺬرة ﻟﻠﺤ ـ ــﺎة‬ ‫اﻹ ﺴـ ـ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬وأﺧـ ـ ــﺬﻫﺎ ﻤ ـ ـ ـﺎ ﺗﻈﻬـ ـ ــﺮ اﻟﻌـ ـ ــﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻋـ ـ ــﻦ ﻃ ـ ـ ــﻖ ﺳـ ـ ــﻠﻮك اﻟ ـ ـ ـ‬ ‫اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ و ﺴﻴ ﺷﺌﻮﻧﻬﻢ و ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ«)‪.(1‬‬ ‫وﺗﻘـ ـ ب ﻃ ﻘ ــﺔ ﺗﻔﻜـ ـ ﻫﻴ ــﻮم ﻣ ــﻦ ﻧﻴ ــﻮﺗﻦ وﻣﻨﻬﺠ ــﻪ ﺟﺎﻧ ــﺐ أﺳ ــﺎ‬ ‫ﻣ ــﻦ ﻓﻠﺴ ــﻔﺘﻪ‪ ،‬وﻫ ــﻮ اﻟﻤﺘﻌﻠ ــﻖ ﺎﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ‪ .‬ذﻟ ــﻚ ﻷن ﻧﻴ ــﻮﺗﻦ ﻗ ــﺪ درس اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ‬ ‫ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ ﻣﻜﻮﻧ ــﺔ ﻣ ــﻦ ذرات ﺴ ـ ﻄﺔ وﻣ ــﻦ ﺣﺮﻛ ــﺔ ﻋﺎﻣ ــﺔ اﻟﺠﺎذﺑ ــﺔ‪ .‬وﻫﻴ ـﻮم‬ ‫ﻛــﺬﻟﻚ ــﺪرس اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻣــﻦ ﻣﻨﻄﻠــﻖ أﻧﻬــﺎ ﻣﻜﻮﻧــﺔ ﻣــﻦ إدرا ــﺎت ﺴـ ﻄﺔ‬ ‫ﺼ ــﻨﻊ ﻣﻨﻬ ــﺎ اﻟﻔﻬ ــﻢ إدرا ــﺎت ﻣﺮﻛ ــﺔ‪ ،‬ﻤ ــﺎ ــﺪرس ﻫ ــﺬە اﻹدرا ــﺎت ﻋـ ـ أﺳ ــﺎس‬ ‫اﻟـ ا ﻂ ﺑ ﻨﻬــﺎ اﻟــﺬﻫﻦ‪ ،‬وﻫــﻮ ﻣــﺎ ﻌــﺮف ﺑﻨﻈ ــﺔ ﺗـﺮا ﻂ اﻷﻓ ــﺎر ‪Association‬‬ ‫‪ .of Ideas‬وﺗﺮا ﻂ اﻷﻓ ﺎر ﻫﺬا ﻳﻨﻈﺮ إﻟ ــﻪ ﻫﻴــﻮم ﻋـ أﻧـﻪ ﺷـ ﻪ ﺎﻟﺘﺠــﺎذب ﺑـ‬ ‫اﻷﺟﺴ ــﺎم ﻣﺠ ــﺎل اﻟﻔ ــﺎء اﻟﻨﻴﻮﺗﻮﻧ ــﺔ‪ .‬ﻘ ــﻮل ﻫﻴ ــﻮم ذﻟ ــﻚ‪» :‬ﻫ ــﺬە إذن‬ ‫ﻣ ــﺎدئ اﺗﺤــﺎد وﺗﺠــﺎ ﺲ أﻓ ﺎرﻧــﺎ اﻟ ﺴـ ﻄﺔ‪ ،‬واﻟـ ﺗﻘــﺪم ﻟﻨــﺎ اﻟﻤﺨ ﻠــﺔ را ﻄــﺎ ﻻ‬ ‫ﻳﻨﻔﺼ ــﻞ‪ ،‬ﺑﻬ ــﺎ ﺗﺘﺤ ــﺪد اﻟ ــﺬا ﺮة‪ .‬وﻧﺠ ــﺪ ﻫﻨ ــﺎ ﻧﻮﻋ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﻟﺠ ــﺬب‪ ،‬اﻟ ــﺬي ﺳ ــﻮف‬ ‫ﻧﻜ ﺸـ ـ ــﻒ أن ﻟـ ـ ــﻪ آﺛـ ـ ــﺎرا ﻛﺒ ـ ـ ـ ة اﻟﻌـ ـ ــﺎﻟﻢ اﻟﻌﻘ ـ ـ ـ ﻣﺜﻠﻤـ ـ ــﺎ ـ ـ ــﺎن ﻟـ ـ ــﻪ اﻟﻌـ ـ ــﺎﻟﻢ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﻟﻄﺒ ـ ـ «)‪ ُ .(2‬ﺸ ـ ـ ﻪ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻫ ـ ــﺬا اﻟ ـ ــﻨﺺ ﺗ ـ ـﺮا ﻂ اﻷﻓ ـ ــﺎر وﻓ ـ ــﻖ ﻣ ـ ــﺪأ ﻋ ـ ــﺎم‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪The Letters of David Hume, Edited by J.Y.T. Grieg (London:‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Oxford University Press, 1969), vol. I, P. XXIII.‬‬ ‫‪Hume, A Treatise of Human Nature. Edited by L.A. Selby-Bigge‬‬ ‫‪(Oxford: The Clarendon Press, 1896), PP. 12-13.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ﺎﻻﺗﺤﺎد واﻟﺘﻔﺎﻋــﻞ ﺑـ اﻷﺟﺴــﺎم اﻟﻔ ﺎﺋ ــﺔ وﻓــﻖ ﻣ ــﺪأ اﻟﺠﺎذﺑ ــﺔ‪ ،‬وﻫــﻮ ﺴــﺘﻌ‬ ‫ﻧﻔ ــﺲ ﻣﺼ ــﻄﻠﺢ »اﻟﺠﺎذﺑ ــﺔ« ‪ Attraction‬ﻟ ﺼ ــﻒ ﻣ ــﺎ ﺤ ــﺪث ﺑ ـ اﻷﻓ ــﺎر‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ واﻟـ ــﺬا ﺮة‪ ،‬وﻫـ ــﻮ ذاﺗـ ــﻪ اﻟﻤﺼـ ــﻄﻠﺢ اﻟ ـ ـﺬي ﺼـ ــﻒ ﺣﺮﻛـ ــﺔ اﻷﺟﺴـ ــﺎم‬ ‫اﻟﻔ ﺎء اﻟﻨﻴﻮﺗﻮﻧ ﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﻨﻄﻠ ــﻖ ﻫﻴ ــﻮم ﺤﺜ ــﻪ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻣ ــﻦ ﻓﻜ ــﺮة أﺳﺎﺳـ ـ ﺔ‪ ،‬ﻟ ــﻢ‬ ‫ﻳﺘﻮﺻ ــﻞ إﻟﻴﻬ ــﺎ ﺑ ﻫ ــﺎن ﻋﻘـ ـ أو اﺳ ــﺘﺪﻻل‪ ،‬ــﻞ ﻋ ــﻦ ﻃ ــﻖ ﻣﻼﺣﻈ ــﺔ ﺳ ــﻠﻮك‬ ‫اﻟ ـ‪ .‬ﺗ ــﺬﻫﺐ ﻫ ــﺬە اﻟﻔﻜ ــﺮة إ أن ﻣ ــﺎ ﺤ ــﻢ اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ‪ ،‬ﺳ ــﻮاء ــﺎن‬ ‫ﻣﻌﺮﻓ ﺎ أو أﺧﻼﻗ ﺎ أو ﻓﻨ ﺎ‪ ،‬ﻫــﻮ اﻹﺣﺴﺎﺳــﺎت ‪ .feelings‬ﻓﻸﻧﻨــﺎ ﻧــﺘﻠ إﺣﺴﺎﺳــﺎ‬ ‫ــﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤ ــﺮ ﻧﻌﺘﻘ ــﺪ وﺟ ــﻮد ﻫ ــﺬا اﻟﻠ ــﻮن‪ ،‬وﻷﻧﻨ ــﺎ ﻧ ــﺘﻠ أﺣﺎﺳـ ـ ﺲ اﻟﻠ ــﺬة‬ ‫واﻷﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻮن ﻟ ــﺪﻳﻨﺎ أﻓ ــﺎرا ﻋ ــﻦ اﻟﻠ ــﺬة واﻷﻟ ــﻢ‪ ،‬و ﺴ ـ ــﺬﻟﻚ ﻟﻠﺤﺼ ــﻮل ﻋ ـ‬ ‫اﻟﻠ ـ ـ ــﺬة وﺗﺠﻨ ـ ـ ــﺐ اﻷﻟ ـ ـ ــﻢ‪ .‬واﻟﻄﺒ ﻌ ـ ـ ــﺔ اﻹ ﺴ ـ ـ ــﺎﻧ ﺔ ﻣﺆﺳﺴ ـ ـ ــﺔ ﺤ ـ ـ ــﺚ ﺗﺠﻌﻠﻨ ـ ـ ـﺎ‬ ‫ﺴﺘﺤﺴــﻦ أﺷ ـ ﺎء وﻧــﺮﻓﺾ أﺷ ـ ﺎء أﺧ ـﺮى‪ ،‬و ﻌ ـ ﻫــﺬا أن ﻗﺒــﻮل أو رﻓــﺾ‬ ‫ً‬ ‫ﻣــﺎ ﺳــﻮاء ــﺎن ﺻــﺤ ﺤﺎ أو ﺧﺎﻃﺌــﺎ‪ ،‬ﺟﻤ ـ أو ﻗﺒ ﺤــﺎ‪ ،‬ﺧ ـ ا أو ـﺮا‪ ،‬ﻻ ﻌﺘﻤــﺪ‬ ‫ﻋـ ـ ﻗـ ـﺮار ﻧﺘﺨ ــﺬە ﻋ ــﻦ ﻃ ــﻖ اﻟﻤﻮازﻧ ــﺔ اﻟﻌﻘﻠ ــﺔ واﻻﺳ ــﺘﺪﻻل واﻟ ﻫ ــﺎن‪ ،‬ــﻞ‬ ‫اﻷﺳــﺎس إﺣﺴﺎﺳــﺎت وﻣﺸــﺎﻋﺮ‪ .‬أﻣــﺎ‬ ‫ﻌﺘﻤــﺪ ﻋـ ﻃﺒ ﻌﺘﻨــﺎ اﻟ ـ ﺔ اﻟـ‬ ‫اﻟﻌﻘ ـ ــﻞ ﻓ ـ ــﻼ ﺤﺘ ـ ــﻞ دورا ﻫ ـ ــﺬە اﻟﻤﺠ ـ ــﺎﻻت‪ ،‬و ﻘﺘ ـ ـ دورە ﻋ ـ ـ اﻟﻤﺠ ـ ــﺎل‬ ‫اﻟﻌﻠ ـ ـ وﺣ ـ ــﺪە‪ .‬واﻟﻬ ـ ــﺪف اﻷﺳ ـ ــﺎ ﻟ ـ ــﺪى ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻫ ـ ــﻮ ا ﺸ ـ ــﺎف اﻹﻣ ﺎﻧ ـ ــﺎت‬ ‫واﻟﺘﻮﺟﻬ ـ ــﺎت اﻟ ﺎﻣﻨ ـ ــﺔ اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ واﻟ ـ ـ ﺗﺠﻌﻠﻬ ـ ــﺎ ﺴ ـ ــﻠﻚ ﺳ ـ ــﻠﻮﻛﻬﺎ‬ ‫اﻟﻤﻌــﺮوف ﻋﻨﻬــﺎ‪ .‬وأﻫــﻢ ﺗﻮﺟﻬــﺎت اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ اﻟ ـ ﺗــﺘﺤ ﻢ ﺳ ــﻠﻮك‬ ‫اﻹ ﺴ ــﺎن وﻣﻌﺮﻓﺘ ــﻪ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗ ــﻪ »اﻻﻧﻔﻌ ــﺎﻻت« ‪ .Passions‬و ﻌ ـ ﻫﻴ ــﻮم‬ ‫ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺣ أﻧﻪ ﻌﻄﻴﻬﺎ اﻷوﻟ ﺔ ﻋ اﻟﻌﻘــﻞ ذاﺗــﻪ‪ ،‬و ﺠﻌــﻞ اﻟﻌﻘــﻞ ﻧﻔﺴــﻪ‬ ‫ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻬﺎ‪ .‬و ﻘﻮل ذﻟﻚ‪» :‬اﻟﻌﻘﻞ ﻋ ﺪ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت‪ ،‬وﻻ ﻤﻜﻨــﻪ أن ﻔﻌــﻞ‬ ‫ﺳﻮى أن ﺨﺪﻣﻬﺎ و ﻄ ﻌﻬﺎ«)‪.(1‬‬ ‫أي‬ ‫واﻟﺤﻘ ﻘ ــﺔ أن ﻫ ــﺬە اﻟﻨﻈ ــﺮة ﻟﻠﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ واﻟـ ـ ﺗﻌـ ـ‬ ‫اﻷوﻟ ــﺔ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: P. 415.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﻟﻼﻧﻔﻌـ ــﺎﻻت ﻋ ـ ـ اﻟﻌﻘـ ــﻞ ﻣﻨﺎﻗﻀـ ــﺔ ﺗﻤﺎﻣـ ــﺎ ﻟﻠﻨﻈـ ــﺮة اﻟﺘﻘﻠ ﺪ ـ ــﺔ ﻟﻺ ﺴـ ــﺎن واﻟ ـ ـ‬ ‫ﺳﺎدت اﻟﺘﻔﻜ اﻟﻔﻠﺴ ﻣﻨــﺬ أرﺳــﻄﻮ اﻟﺬاﻫ ــﺔ إ أن اﻹ ﺴــﺎن ــﺎﺋﻦ ﻋﻘــﻼ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷﺳﺎس‪ ،‬واﻟ ﺗ ﱢﻌﺮﻓﻪ ﻋ أﻧﻪ ﺣﻴﻮان ﻧﺎﻃﻖ‪ ،‬وﺗﻤ ە ﻋﻦ ــﺎ اﻟ ﺎﺋﻨــﺎت اﻟﺤ ــﺔ‬ ‫ﻤــﺎ ﻟﺪ ــﻪ ﻣــﻦ ﻋﻘــﻞ وﻗــﺪرة ﻋ ـ اﻟﺘﻔﻜ ـ ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﻫﻴــﻮم ﻘــﻒ ﺿــﺪ ﻫــﺬا اﻟﻤ ـ اث‬ ‫اﻟﻄ ﻞ و ﻘﺮ ﺄن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﺣﺎﺳـ ﺲ واﻟﻌﻮاﻃــﻒ ﻣــﺎ ﺸـ ﻞ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ‬ ‫اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ‪ .‬وﻗ ـ ــﺪ ـ ــﺎن ﻣ ـ ـ رە ذﻟ ـ ــﻚ ﻗ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻷن اﻹ ﺴ ـ ــﺎن ﺴ ـ ــﻠﻚ ﺣ ﺎﺗ ـ ــﻪ‬ ‫اﻟﻴﻮﻣ ـ ــﺔ ﺣﺴ ـ ــﺐ ﻧﻔ ـ ــﺲ اﻟﺼ ـ ــﻔﺎت اﻟ ـ ـ ﺣ ـ ــﺪدﻫﺎ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻟﻠﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ‪،‬‬ ‫ﺎﻹﺿــﺎﻓﺔ إ أن اﺳــﺘﺨﺪام اﻟﻌﻘــﻞ واﻟﺘﻔﻜ ـ اﻟﻌﻘــﻼ ﻣﻘﺼــﻮر ﻋـ اﻟﻤﻤﺎرﺳــﺔ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤ ــﺔ‪ .‬إذا أردﻧ ــﺎ اﻟ ﺤ ــﺚ ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺪواﻓﻊ اﻷو واﻷﺳﺎﺳـ ـ ﺔ ﻟﻠﺴ ــﻠﻮك اﻟ ـ ـي‬ ‫ﻓ ﺠــﺐ ﻋﻠﻴﻨــﺎ اﻻﻧﺘﻬــﺎء ﺣﺘﻤــﺎ إ اﻻﻧﻔﻌــﺎل واﻹﺣﺴــﺎس واﻟﻌﺎﻃﻔــﺔ ﻷن اﻟﻌﻘــﻞ ﻻ‬ ‫ﻤﻜــﻦ أن ﺸـ ﻞ داﻓﻌــﺎ ﻟﻠﺴــﻠﻮك‪ .‬ﻓﺤﺴــﺐ ﻓﻠﺴــﻔﺔ ﻫﻴــﻮم ﻓــﺈن اﻟﻌﻘــﻞ اﻹ ﺴــﺎ‬ ‫ﻟ ـ ﺲ ﺳ ــﻮى ﻣﻠ ــﺔ ﻣﻨﻈﻤ ــﺔ ﻟﻤ ــﺎ ﻳﺘﻠﻘ ــﺎە اﻹدراك ﻣ ــﻦ اﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت ﻋ ـ اﻟﻤﺴ ــﺘﻮى‬ ‫اﻟﻤﻌ ــﺮ ‪ ،‬أو ﻣ ــﺎ ﺗﺘﻠﻘ ــﺎە اﻟ ــﻨﻔﺲ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﻣ ــﻦ ﻟ ــﺬة وأﻟ ــﻢ‪ .‬ﻫ ــﺬا اﻟ ــﺪور اﻟﺘﻨﻈ ـ‬ ‫اﻟﻤﺤــﺪود ﻟﻠﻌﻘــﻞ ﺠﻌــﻞ ﻟﻼﻧﻔﻌــﺎل اﻷوﻟ ــﺔ اﻟﻘﺼــﻮى ﻟــﺪى ﻫﻴــﻮم‪ ،‬ﻓــﻼ ﻤﻜــﻦ‬ ‫ﻟﻠ ـ اﻟ ــﺬي ﻘﺘ ـ دورە ﻋ ـ اﻟﺘﻨﻈ ـ ﻢ أن ﻜ ــﻮن ﻣﻮﺟﻬ ــﺎ‪ ،‬أو داﻓﻌ ــﺎ ﻟﻠﺴ ــﻠﻮك‪،‬‬ ‫ــﻞ إن اﻟﻌﻘـﻞ ﻧﻔﺴــﻪ ﻟــﺪى ﻫﻴــﻮم ﻌــﺪ ﻣﻠ ــﺔ ﺧﺪﻣــﺔ اﻻﻧﻔﻌــﺎل‪ ،‬ﺣ ــﺚ ﺗﻀـ‬ ‫ﺷ ـ ﺌﺎ ﻣ ــﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧ ــﺔ واﻟﺘ ــﺮ اﻟﻌﻘ ــﻼ اﻟﻤ ــﻨﻄ ﻟ ــﺪواﻓﻊ وﺗﻮﺟﻬ ــﺎت ﻟ ـ ﺲ ﻟﻬ ــﺎ‬ ‫أد ﻋﻼﻗــﺔ ﺎﻟﻌﻘــﻞ ــﻞ ﺗ ــﺘ ﻠﻬــﺎ إ اﻻﻧﻔﻌــﺎل‪ .‬و ـ ﻫﻴــﻮم ﻋـ أن اﻟﻌﻘــﻞ‬ ‫ﻟ ـ ـ ﺲ ﻟـ ــﻪ أي دور ﺣ ـ ــﺎة اﻟ ـ ـ وﺳـ ــﻠﻮﻛﻬﻢ‪ .‬ﻤـ ــﺎ أن دورە ﻣﻨﻌـ ــﺪم ﻣﺠـ ــﺎل‬ ‫اﻻﻋﺘﻘـ ــﺎد‪ ،‬وﻻ ﻤﻜـ ــﻦ ﻟﻠ ـ ـ أن ﺴ ـ ـﻠ ﻮا و ﺴـ ــﺘﻤﺮوا اﻟﺤ ـ ــﺎة ـ ــﺪون اﻋﺘﻘـ ــﺎد‬ ‫وﻋـ أﺳــﺎس اﻟﻌﻘــﻞ وﺣــﺪە ﻻ ﻤﻜــﻦ اﻟﻮﺻــﻮل إ أي اﻋﺘﻘــﺎد‪ ،‬و ذا ــﺎن اﻟ ـ‬ ‫ﺴﻠ ﻮن وﻓﻘــﺎ ﻟﻠﻌﻘــﻞ ﻟﺘﻮﻗﻔــﻮا ﻋــﻦ اﻹ ﻤــﺎن ــﺄي اﻋﺘﻘــﺎد ﻟ ــﻦ ﻫــﺬا ﻏـ ﺻــﺤﻴﺢ‬ ‫ــﺎﻟﻤﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻟ ـ ﻤﺎرﺳ ــﻮن اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد ــﻞ ﻳ ــﻮم و ــﻞ وﻗ ــﺖ‪ ،‬وﻫ ــﺬا أ ـ دﻟ ــﻞ‬ ‫ﻋ أن اﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﺸ ﻞ أى دور ﺣ ﺎﺗﻬﻢ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧ ﺎ ‐ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـﺔ‪:‬‬ ‫‪ ‐ 1‬ﻧﻈﺮة ﻋﺎﻣﺔ ﻋ ﻛﺘﺎب » ﺤﺚ‬ ‫‪11‬‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻹ ﺴﺎﻧ ﺔ«‪:‬‬ ‫ﻳﺘﻜﻮن ﻛﺘﺎب » ﺤــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ« ﻣــﻦ ﺛــﻼث ﻛﺘــﺐ‪ ،‬اﻷول‬ ‫ﻋـ ــﻦ اﻟﻔﻬـ ــﻢ‪ ،‬وﻓ ـ ــﻪ ﻳ ﻨـ ــﺎول ﻫﻴـ ــﻮم اﻷﻓ ـ ــﺎر ﻣـ ــﻦ ﺣ ـ ــﺚ أﺻـ ــﻠﻬﺎ وأﺟﺰاءﻫـ ــﺎ وﻣـ ــﺎ‬ ‫ﺠﺮي ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣــﻦ ﺗﺠ ــﺪ وﻣــﺎ ﺤــﺪث ﺑ ﻨﻬــﺎ ﻣــﻦ ﻋﻼﻗــﺎت‪ ،‬ﺎﻹﺿــﺎﻓﺔ إ أﻓ ــﺎر‬ ‫اﻟﺰﻣـ ـ ــﺎن واﻟﻤ ـ ـ ــﺎن واﻟﺴـ ـ ـ ﺒ ﺔ واﻻﻋﺘﻘـ ـ ــﺎد واﻻﺣﺘﻤـ ـ ــﺎل‪ .‬واﻟ ﺘـ ـ ــﺎب اﻟﺜـ ـ ــﺎ ﻋـ ـ ــﻦ‬ ‫اﻻﻧﻔﻌ ـ ــﺎﻻت‪ ،‬وﻓ ـ ــﻪ ﻳ ﻨ ـ ــﺎول ﻫﻴ ـ ــﻮم اﻟ ـ ــﺎء واﻟﺘﻮاﺿ ـ ــﻊ‪ ،‬واﻟﺤ ـ ــﺐ واﻟ ـ ــﺮە‪،‬‬ ‫واﻹرادة‪ .‬واﻟ ﺘ ــﺎب اﻟﺜﺎﻟ ــﺚ ﻋ ــﻦ اﻷﺧ ــﻼق‪ ،‬وﻓ ــﻪ ﻳ ﻨ ــﺎول اﻟﻔﻀـ ـ ﻠﺔ واﻟﺮذ ﻠ ــﺔ‪،‬‬ ‫واﻟﻌﺪاﻟــﺔ واﻟﻈﻠــﻢ‪ ،‬واﻟﺨ ـ واﻹﺣﺴــﺎن‪ .‬واﻟ ﺘــﺎب ﺑﻬــﺬە اﻟﺼــﻮرة ﺤﺘــﻮي ﻋ ـ‬ ‫ﻧﻈ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ اﻟ ﺘ ــﺎب اﻷول‪ ،‬وﺳ ـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺎ ﻟﻼﻧﻔﻌ ــﺎﻻت اﻟ ﺘ ــﺎب‬ ‫اﻟﺜ ــﺎ ‪ ،‬وﻧﻈ ــﺔ أﺧﻼﻗ ــﺔ اﻟ ﺘ ــﺎب اﻟﺜﺎﻟ ــﺚ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﺳ ــﺒﻖ أن ﻗﻠﻨ ــﺎ أن أﺳ ــﺎس‬ ‫ﻧﻈ ﺔ ﻫﻴــﻮم اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻫــﻮ اﻟﻨﻈــﺮة إ اﻟ ــﺎﺋﻦ اﻟ ـي ﻣــﻦ ﻣﻨﻄﻠــﻖ‬ ‫اﻻﻧﻔﻌـ ــﺎل ﻻ اﻟﻌﻘـ ــﻞ‪ ،‬وﻟـ ــﺬﻟﻚ ﻓـ ــﺈن اﻟ ﺪا ـ ــﺔ اﻟﺤﻘ ﻘ ـ ــﺔ ﻟﻨﻈ ـ ــﺔ ﻫﻴـ ــﻮم‬ ‫اﻟ ﺘ ــﺎب اﻟﺜ ــﺎ ﺣ ــﻮل اﻻﻧﻔﻌ ــﺎﻻت ﻻ اﻟ ﺘ ــﺎب اﻷول ﺣ ــﻮل اﻟﻔﻬ ــﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ‪.‬‬ ‫ﻓﻠﺴــﻔﺔ ﻫﻴــﻮم وﻫــﻮ ﻧﻮرﻣــﺎن ﻛ ﻤــﺐ ﺳــﻤ ﺚ‬ ‫وﻫــﺬا ﻣــﺎ ﺟﻌــﻞ أﺑــﺮز اﻟ ــﺎﺣﺜ‬ ‫‪ Norman Kemp Smith‬إ اﻟ ــﺬﻫﺎب إ أن اﻟ ﺘ ــﺎب اﻟﺜ ــﺎ ﻫ ــﻮ اﻟ ﺪا ــﺔ‬ ‫اﻟﺤﻘ ﻘ ــﺔ ﻟﻔﻠﺴ ــﻔﺔ ﻫﻴ ـﻮم‪ ،‬وﻣ ــﺎ اﻟ ﺘ ــﺎب اﻷول ﺣ ــﻮل اﻟﻔﻬ ــﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺳ ــﻮى‬ ‫ﺗﻄﺒﻴــﻖ ﻟﻨﻈ ــﺔ ﺣــﻮل اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت ﻟــﻢ ﻘ ـﺪﻣﻬﺎ ﻫﻴــﻮم إﻻ اﻟ ﺘــﺎب اﻟﺜــﺎ )‪.(1‬‬ ‫وﻗ ــﺪ ذﻫ ــﺐ ﻛ ﻤ ــﺐ ﺳ ــﻤ ﺚ إ أن ﺪا ــﺔ ﻫﻴ ــﻮم ﺎﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺎﻧ ــﺖ ﺧﺎﻃﺌ ــﺔ‪ ،‬إذ‬ ‫ـ ــﺎن ﻋﻠ ـ ــﻪ أن ﻳ ـ ــﺪأ ﺎﻻﻧﻔﻌ ـ ــﺎﻻت ﻣﻨﻄﻠﻘ ـ ــﺎ ﻣﻨﻬـ ـ ـﺎ إ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ واﻷﺧ ـ ــﻼق ﻻ‬ ‫اﻟﻌﻜ ــﺲ‪ ،‬وأن ﻫ ــﺬە اﻟ ﺪا ــﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌ ــﺔ أدت إ ﺳ ــﻮء ﻓﻬ ــﻢ ﻟﻔﻠﺴ ــﻔﺔ ﻫﻴ ــﻮم‪ ،‬إذ‬ ‫أدت إ اﺷﺘﻬﺎر ﻫﻴﻮم ﺄﻧﻪ ﻓ ﻠﺴﻮف اﻟﺸﻚ‪ ،‬و اﻟﻨﻈﺮ إ اﻟﻔﻬــﻢ اﻹ ﺴــﺎ‬ ‫ﻋـ أﻧــﻪ ﺸـ ﻞ أﺳــﺎس اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت واﻷﺧــﻼق وﻫــﺬا ﻏـ ﺻــﺤﻴﺢ‪ .‬ﻓﻠــﻢ ﻳ ﺒـ‬ ‫ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻧﻈ ـ ــﺮة ﺷ ـ ــﻜ ﺔ اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻔﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﻣﻨﻄﻠﻘ ـ ــﺎت ا ﺴ ـ ــﺘﻤﻮﻟﻮﺟ ﺔ ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ اﻟﺴـ ﻜﻮﻟﻮ اﻟــﺬي وﺿــﻌﻪ اﻟ ﺘــﺎب اﻟﺜــﺎ ﺣــﻮل اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت‪ ،‬ﻣــﺎ‬ ‫اﻟﺸ ـ ــﻜ ﺔ اﻻ ﺴ ـ ــﺘﻤﻮﻟﻮﺟ ﺔ ﻋﻨ ـ ــﺪە واﻟ ـ ـ ﺗﻨﺼ ـ ــﺐ ﺣ ـ ــﻮل اﻟﺴ ـ ـ ﺒ ﺔ واﻻﻋﺘﻘ ـ ــﺎد‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Norman Kemp Smith, The Philosophy of David Hume. A critical‬‬ ‫‪Analysis of its Origins and Central Doctrines (London:‬‬ ‫‪Macmillan, 1964), PP. V-VII.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫وأﻓ ــﺎر اﻟﺠــﻮﻫﺮ واﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺳــﻮى ﺗﻮﺳــﻴﻊ ﻟﻨﻈﺮﺗــﻪ اﻟﺸــﻜ ﺔ ﺣــﻮل اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وﻫــﺬا ﻣــﺎ ﺟﻌــﻞ ﺳــﻤ ﺚ ﻌ ــﺪ ﺗﺮﺗ ــﺐ أﻓ ــﺎر ﻫﻴــﻮم و ــﺪأ ﺎﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت ﻣﻨــﺘﻘ‬ ‫ﻣﻨﻬـ ــﺎ إ اﻷﺧـ ــﻼق وأﺧ ـ ـ ا إ اﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ)‪ .(1‬ﻟ ﻨﻨـ ــﺎ ﻋﺮﺿـ ــﻨﺎ ﻟﻔﻠﺴـ ــﻔﺔ ﻫﻴـ ــﻮم‬ ‫ﺳ ــﻒ ﻧ ﺒ ــﻊ اﻟ ﺗ ــﺐ اﻟ ــﺬي اﺧﺘ ــﺎرە ﻫ ــﻮ ﻟﻌ ــﺮض ﻓﻠﺴ ــﻔﺘﻪ‪ ،‬وﻣ رﻧ ــﺎ ﻫ ــﺬا أن‬ ‫اﻟ ــﺪء ﺑﻨﻈ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﻟ ــﻪ دﻻﻟ ــﺔ وﺟﻴﻬ ــﺔ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷن ﻫﻴ ــﻮم ﻗ ــﻞ أن ﻌ ــﺮض‬ ‫ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت ﺎن ﻋﻠ ﻪ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣــﻊ ﻋﻨــﺎ اﻹدراك اﻟﺤ ـ اﻟ ﺴـ ﻂ‪ ،‬وﻣــﻊ‬ ‫اﻟ ﻔ ــﺔ اﻟـ ـ ﻔﻬ ــﻢ ﺑﻬ ــﺎ اﻟﻌﻘـ ـﻞ اﻷﺷـ ـ ﺎء‪ ،‬ﻓ ــﺘﻠ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت اﻟﺤﺴـ ـ ﺔ ﻣ ــﻦ‬ ‫اﻟﺨـ ـ ة اﻟﺘﺠ ــﺔ ﻟ ــﻪ اﻷوﻟ ــﺔ ﻋـ ـ ﺗﻜـ ـ ﻦ اﻟ ــﻨﻔﺲ ﻟﻼﻧﻔﻌ ــﺎﻻت‪ .‬و ــﺪو أن‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم ــﺎن ﻣ ــﺪرﺎ أن اﻟ ﺤ ــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ‪ ،‬ﺣـ ـ وﻟ ــﻮ ــﺎن أﺳﺎﺳ ــﻬﺎ‬ ‫اﻧﻔﻌ ــﺎ ‪ ،‬ﺠ ــﺐ أن ﻳ ــﺪأ ﺎﻟﻘ ــﺪرة ﻋـ ـ ﺗﻠـ ـ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت اﻟﺤﺴـ ـ ﺔ وﺗﻜـ ـ ﻦ‬ ‫اﻷﻓ ــﺎر و ﻗﺎﻣــﺔ اﻟﺼــﻼت ﺑ ﻨﻬ ـﺎ‪ ،‬ﻓﻬــﺬا ﻌــﺪ أول ﻣﺴــﺘﻮى ﻜﺸــﻒ ﻋــﻦ ﺗﻌﺎﻣــﻞ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻹ ﺴﺎﻧ ﺔ ﻣﻊ اﻟﺨ ة‪.‬‬ ‫‪ ‐ 2‬اﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت واﻷﻓ ﺎر‪:‬‬ ‫ﻻ ﻄﻠﻖ ﻫﻴﻮم ﻋ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻌﻘﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻷﻓ ــﺎر« ﻤــﺎ ﻓﻌــﻞ‬ ‫ﻟـ ـ ــﻮك‪ ،‬ـ ـ ــﻞ ﻄﻠـ ـ ــﻖ ﻋﻠﻴﻬـ ـ ــﺎ »إدرا ـ ـ ــﺎت« ‪ ،Perceptions‬وﻫـ ـ ــﻮ ﻘﺴ ـ ـ ـﻢ ﻫـ ـ ــﺬە‬ ‫اﻹدرا ـ ــﺎت إ ﻧـ ــﻮﻋ ‪ :‬اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت ‪ impressions‬واﻷﻓ ـ ــﺎر ‪ .Ideas‬و ﻤ ـ ـ‬ ‫ﻫﻴ ـ ــﻮم ﺑـ ـ ـ اﻟﻤﻮﺿ ـ ــﻮﻋﺎت اﻟـ ـ ـ ﺗ ـ ــﺪﺧﻞ اﻟﻌﻘ ـ ــﻞ ﻋـ ـ ـ أﺳ ـ ــﺎس ﺗﻤﻴـ ـ ـ ە ﺑـ ـ ـ‬ ‫اﻹﺣﺴ ــﺎس واﻟﺨ ـ ة ﻣ ــﻦ ﺟﻬ ــﺔ واﻟﺘﻔﻜ ـ واﻻﺳ ــﺘﺪﻻل ﻣ ــﻦ ﺟﻬ ــﺔ أﺧ ــﺮى‪ ،‬ذﻟ ــﻚ‬ ‫ً‬ ‫ﻷﻧــﻪ ﻳــﺘﻤﻜﻦ اﻟﻌﻘــﻞ ﻣــﻦ اﻟﺘﻔﻜـ واﻻﺳــﺘﺪﻻل ﻓ ﺠــﺐ أن ﻜــﻮن ﺣﺎﺻـ‬ ‫اﻟ ﺪا ـ ــﺔ ﻋ ـ ـ اﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت ﺗـ ــﺄ ﻣـ ــﻦ اﻹﺣﺴـ ــﺎس واﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ‪ .‬و ﺣ ـ ـ‬ ‫أﻃﻠــﻖ ﻟــﻮك ﻣﺼــﻄﻠﺢ »اﻷﻓ ــﺎر« ﻋـ ــﻞ ﻋﻨــﺎ اﻟﻌﻘــﻞ ﺳــﻮاء ﺎﻧــﺖ ﺣﺴـ ﺔ‬ ‫أو ﻋﻘﻠ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻣﺠـ ــﺮدة أو اﻧﻔﻌﺎﻟ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓـ ــﺈن ﻫﻴـ ــﻮم ﻀـ ــﻊ اﻟ ﺪا ـ ــﺔ »اﻹدرا ـ ــﺎت«‬ ‫و ﻘﺴﻤﻬﺎ ﻌﺪ ذﻟﻚ إ اﻧﻄ ﺎﻋﺎت ﺣﺴ ﺔ وأﻓ ﺎر‪ ،‬ﻣﺤﺘﻔﻈــﺎ ﻫــﺬا اﻟﺘﻘﺴـ ﻢ‬ ‫ـ ــﺎﻟﻤﻌ اﻷﺻ ـ ـ ﻟﻸﻓ ـ ــﺎر واﻟـ ــﺬي ـ ــﺪل ﻋ ـ ـ اﻟﺠﺎﻧـ ــﺐ اﻟﻌﻘ ـ ـ اﻟﻤﺠـ ــﺮد ﻣـ ــﻦ‬ ‫ﻋﻨﺎ اﻟﺘﻔﻜ ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: PP. 159ff.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫و ﻤـ ﻫﻴــﻮم ﺑـ اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت واﻷﻓ ــﺎر ﻋـ اﻟﻨﺤــﻮ اﻟﺘــﺎ ‪» :‬إن اﻟﻔــﺮق‬ ‫ﺑ ﻨﻬﻤ ــﺎ ﻳﺘﻤﺜ ــﻞ درﺟ ــﺔ اﻟﻘ ــﻮة واﻟﺤﻴ ــﺔ اﻟ ـ ﺗ ــﺆﺛﺮ ﺑﻬ ــﺎ ﻋ ـ اﻟﻌﻘ ــﻞ وﺗ ــﺪﺧﻞ‬ ‫ﻋـ ــﻦ ﻃ ﻘﻬـ ــﺎ اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ واﻟـ ــﻮ ‪ .‬ﻓﺘﻠـ ــﻚ اﻹدرا ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ﺗـ ــﺪﺧﻞ ـ ــﻞ ﻗـ ــﻮة‬ ‫وﻋﻨـ ــﻒ ﻤﻜـ ــﻦ أن ﺴـ ــﻤﻴﻬﺎ اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت‪ ،‬وﺗﺤـ ــﺖ ﻫـ ــﺬە اﻟ ﺴـ ــﻤ ﺔ أﻓﻬـ ــﻢ ـ ــﻞ‬ ‫إﺣﺴﺎﺳـ ــﺎﺗﻨﺎ واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨ ـ ــﺎ وﻋﻮاﻃﻔﻨ ـ ــﺎ ﻤ ـ ــﺎ ﺗﻈﻬـ ــﺮ ﻷل ﻣ ـ ــﺮة اﻟ ـ ــﻨﻔﺲ‪ .‬وأﻋ ـ ـ‬ ‫ﺎﻷﻓ ﺎر اﻟﺼﻮر اﻟﺨﺎﻓﺘــﺔ ﻟﻬــﺬە اﻟﺘﻔﻜـ واﻻﺳــﺘﺪﻻل‪ ،‬ﻣﺜــﻞ ﺗﻠــﻚ اﻟـ ﺗﻈﻬــﺮ‬ ‫ﻫ ــﺬا اﻟ ﺤ ــﺚ«)‪ .(1‬وﻣﻌـ ـ ﻫ ــﺬا أن اﻟﻔ ــﺮق ﺑـ ـ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت واﻷﻓ ــﺎر ﻫ ــﻮ‬ ‫ﻓ ــﺮق اﻟﺪرﺟ ــﺔ ﻻ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ‪ ،‬واﻻﺛﻨ ــﺎن ﻋﻨ ــﺪە ﻣ ــﻦ ﻧ ـ ع واﺣ ــﺪ‪ ،‬إذ ﻫﻤ ــﺎ ﻣﻌ ــﺎ‬ ‫إدرا ــﺎت‪ .‬و ذا ﺎﻧــﺖ اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت ﺣﺴ ـ ﺔ ﻓﺎﻷﻓ ــﺎر أ ﻀــﺎ ﺣﺴ ـ ﺔ‪ ،‬و ــﻞ اﻟﻔــﺮق‬ ‫ﺑ ﻨﻬﻤ ـ ــﺎ أن اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت إدرا ـ ــﺎت ﺗﻨﻄﺒ ـ ــﻊ ﻋـ ـ ـ اﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ ـ‪ ،‬واﻷﻓ ـ ــﺎر‬ ‫إدرا ــﺎت ﺗﻨﻄﺒ ــﻊ ﻋـ ـ اﻟﻌﻘ ــﻞ‪ .‬وﻣ ــﺎ ﻳﻨﻄﺒ ــﻊ ﻋـ ـ اﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ ﻜ ــﻮن ﻗ ــﺎ‬ ‫وﻋﻨ ﻔ ــﺎ‪ ،‬وﻣ ــﺎ ﻳﻨﻄﺒ ــﻊ ﻋ ـ اﻟﻌﻘ ــﻮل ﻜ ــﻮن ﺧﺎﻓﺘ ــﺎ ﺿ ــﻌ ﻔﺎ‪ .‬واﻹدراك اﻟﻤﻨﻄﺒ ــﻊ‬ ‫ﻋ اﻹدراك اﻟﺤ ﻫــﻮ ﺗــﺄﺛﺮ ﻣ ــﺎ ﻟﻠﺤــﻮاس ﺎﻷﺷـ ﺎء و ــﺎﻟﺨ ة اﻟﺘﺠ ــﺔ‪،‬‬ ‫أﻣﺎ اﻹدراك اﻟﻤﻨﻄﺒــﻊ ﻋـ اﻟﻌﻘــﻞ ﻓﻬــﻮ ﻣﺠــﺮد ﺻــﻮرة ﺧﺎﻓﺘــﺔ ﻟﻸﺷـ ﺎء واﻟﺨـ ة‪.‬‬ ‫و ذا ـ ــﺎن اﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ ﻳـ ــﺘﻠ ﺗـ ــﺄﺛ ات ﻗ ـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ اﻟﺨـ ــﺎرج ﻓـ ــﺈن اﻟﻌﻘـ ــﻞ ﻻ‬ ‫ﻳ ــﺘﻠ إﻻ ﺻ ــﻮرا ‪ ،Images‬ﻤﻌ ـ أﻧ ــﻪ ﻻ ﻳ ــﺘﻠ اﻻﻧﻄ ــﺎع اﻟﺤ ـ ﻧﻔﺴ ــﻪ ــﻞ‬ ‫ﻳﺘﻠ ﺻﻮرة ذﻫﻨ ﺔ ﻋﻨﻪ‪.‬‬ ‫وﻷن ﻫ ــﺪف ﻫﻴ ــﻮم اﻷﺳ ــﺎ ﺳ ــﻮاء اﻟ ﺘ ــﺎب اﻷول ﻣ ــﻦ » ﺤ ــﺚ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ« أو ﻛﺘﺎ ـ ــﻪ اﻵﺧ ـ ـﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ وﻫـ ــﻮ » ﺤـ ــﺚ اﻟﻔﻬـ ــﻢ‬ ‫اﻹ ﺴــﺎ « اﻟ ﺸــﻒ ﻋــﻦ اﻟﻄ ﻘــﺔ اﻟـ ﻔﻜــﺮ ﺑﻬــﺎ اﻹ ﺴــﺎن واﻟـ ﺗﺘﺤــﺪد وﻓــﻖ‬ ‫ﻃﺒ ﻌﺘﻪ‪ ،‬وﻷن ﻫﺬە اﻟﻄﺒ ﻌﺔ ﻟﺪى ﻫﻴﻮم ﻃﺒ ﻌﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟ ــﺔ اﻷﺳــﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻘــﺪ‬ ‫ذﻫـ ــﺐ إ أن اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ﻏ ـ ـ ﻣﻤﻜـ ــﻦ إﻻ ﺤﻀـ ــﻮر إدرا ـ ــﺎت اﻟـ ــﺬﻫﻦ‪ ،‬وﻫـ ــﺬە‬ ‫اﻹدرا ﺎت إﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن اﻧﻄ ﺎﻋﺎت أو أﻓ ــﺎر‪ .‬وﻷن اﻷﻓ ــﺎر ذاﺗﻬــﺎ ﻟ ﺴــﺖ ﺳــﻮى‬ ‫ﺻ ــﻮر ﻋﻘﻠ ــﺔ ﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت ﺣﺴ ـ ﺔ ﻓﻤﻌ ـ ﻫ ــﺬا أن ــﻞ ﺗﻔﻜ ـ ﺎﻟ ﺴ ـ ﺔ ﻟﻬﻴ ــﻮم‬ ‫ﻳﻨﻄﻮي ﻋ اﺳــﺘﻘ ﺎل ﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت‪ ،‬و ــﺬﻟﻚ ﻌـ اﻷوﻟ ــﺔ ﻟــﻺدراك اﻟﺤ ـ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Hume: op. cit, P. 1‬‬ ‫‪14‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ‪ .‬و ﻤﻜﻨﻨ ـ ــﺎ اﻟﻨﻈ ـ ــﺮ إ ﻫ ـ ــﺬە اﻟﻨﻈ ـ ــﺔ ﻋ ـ ـ أﻧﻬ ـ ــﺎ ﺳ ـ ـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ أو‬ ‫ﺗﻜ ــﺔ ‪ .genetic‬ﻓ ـ ﺳ ـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ ﻷﻧﻬ ــﺎ ﺗ ــﺮد ا ﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ إ ﺗ ــﺄﺛﺮ اﻟﺤ ــﻮاس‬ ‫ﺎﻷﺷـ ـ ـ ﺎء ﺻ ـ ــﻮرة اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت وأﻓ ـ ــﺎر‪ ،‬و ﺗﻜ ـ ــﺔ ﻷﻧﻬ ـ ــﺎ ﺗ ﺒ ـ ــﻊ ﻋﻤﻠ ـ ــﺔ‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ إ أ ﺴــﻂ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬــﺎ أو ﻣــﺪﺧﻼﺗﻬﺎ اﻷو ﻣــﻦ اﻹﺣﺴﺎﺳـﺎت‪ .‬ﻤــﺎ أﻧﻬــﺎ‬ ‫ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻄﻮر ﺔ‪ ،‬ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻨﻈﺮ إ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋ أﻧﻬﺎ ﺗ ﺪأ ﻤﺮﺣﻠــﺔ‬ ‫اﻹﺣﺴ ــﺎس‪ ،‬ﺛ ــﻢ اﻹدراك اﻟﺤ ـ اﻟ ــﺬي ﻳ ــﺘﻠ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت ﺛ ــﻢ اﻟ ــﺬﻫﻦ اﻟ ــﺬي‬ ‫ﺗﻨﻄﺒــﻊ ﻓ ــﻪ اﻹﺣﺴﺎﺳــﺎت ﺷ ـ ﻞ ﺻــﻮر ذﻫﻨ ــﺔ‪ ،‬ﺛــﻢ ﺻــﻨﻊ اﻟــﺬﻫﻦ ﻣــﻦ ﻫــﺬە‬ ‫اﻟﺼ ـ ــﻮر اﻟﺬﻫﻨ ـ ــﺔ ﻷﻓ ـ ــﺎر ﺛ ـ ــﻢ ﻟﻌﻼﻗ ـ ـﺎت‪ ،‬ﻌ ـ ــﺪ ﻧﻈ ـ ــﺔ ﺗﻄﻮر ـ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﺷ ـ ﻴﻬﺔ ﻌﻠ ــﻢ اﻟ ــﻨﻔﺲ اﻟﻤﻌ ــﺮ اﻟﺘﻄ ــﻮري ﻋﻨ ــﺪ ﺟ ــﺎن ﺑ ﺎﺟ ــﻪ‪ .‬وﻟﻘ ــﺪ ﺳ ــﺒﻖ أن‬ ‫ﻻﺣﻈﻨ ــﺎ أن ﻫ ــﺬا اﻟ ﺸ ــﺎ ﻪ ﻣ ــﻊ ﺑ ﺎﺟ ــﻪ ﻳ ﺴ ــﺤﺐ ﻋـ ـ ﻧﻈ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﻋﻨ ــﺪ‬ ‫ﻟــﻮك‪ .‬وﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻨﻈــﺮ إ ﻟــﻮك وﻫﻴــﻮم ﻋ ـ أﻧﻬﻤــﺎ ﻣــﻦ إرﻫﺎﺻــﺎت ﻋﻠــﻢ اﻟــﻨﻔﺲ‬ ‫اﻟﻤﻌﺮ اﻟﺤــﺪ ﺚ‪ ،‬وﻣــﻦ اﻟﻤﻤﻬــﺪﻳﻦ ﻟﺒ ﺎﺟ ــﻪ‪ .‬واﻟـﺬي ﺠﻌــﻞ ﻧﻈ ــﺔ ﻫﻴــﻮم‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻧﻈ ــﺔ ﺳـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ أﻧﻬــﺎ ﺗﺮﻛــﺰ ﻋـ ﻋﻤﻠ ــﺔ اﻟﺘﻔﻜـ ﺎﻋﺘ ﺎرﻫــﺎ ﻋﻤﻠ ــﺔ‬ ‫وﻇ ﻔ ــﺔ إﺟﺮاﺋ ــﺔ‪ ،‬ﺣـ ـ أﻧ ــﻪ ﻤ ــﻞ إ اﻟﻨﻈ ــﺮ إ اﻻﻧﻔﻌ ــﺎل اﻟﻤﻌ ــﺮ ﻟﻠ ــﺬﻫﻦ‬ ‫اﻟ ـ ـي ﻋ ـ ـ أﻧ ـ ــﻪ ﻳﺮﺟ ـ ــﻊ إ ﻣﻠ ـ ــﺎت ذﻫﻨ ـ ــﺔ‪ ،‬إذ ـ ــﺬﻫﺐ ﺳ ـ ـ ﺎق ﺣ ـ ــﻪ‬ ‫ﻟﻨﻈ ﺘ ـ ــﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ إ اﻟﻨﻈ ـ ــﺮ إ اﻹﺣﺴﺎﺳ ـ ـﺎت واﻟ ـ ـ ﻂ ﺑ ﻨﻬ ـ ــﺎ ﻋ ـ ـ أﻧﻬ ـ ــﺎ‬ ‫وﻇ ﻔﺔ ﻟﻤﻠ ﺔ اﻟﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠﺔ ﻋ اﻟﺘﻮا ‪ ،‬واﻟﻨﻈــﺮ إ وﻇ ﻔــﺔ اﻟـ ﻂ ﺑـ‬ ‫اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت واﻷﻓ ـ ــﺎر ﻋ ـ ـ أﻧﻬـ ــﺎ وﻇ ﻔـ ــﺔ ﻟﻤﻠ ـ ــﺔ اﻟﻔﻬـ ــﻢ‪ .‬ﻫـ ــﺬا اﻟﺘﺄ ـ ــﺪ ﻋ ـ ـ‬ ‫اﻟﻤﻠ ــﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺎﻋﺘ ﺎرﻫ ــﺎ ﻗﺎﺋﻤ ــﺔ ﺑﻮﻇ ــﺎﺋﻒ ﻫ ــﻮ اﻟ ــﺬي ﻤ ـ ﻧﻈ ــﺔ ﻫﻴ ــﻮم‬ ‫ﻋــﻦ ﻧﻈ ــﺔ ﻟــﻮك‪ ،‬وﻫــﻮ أ ﻀــﺎ اﻟــﺬي ﺟﻌــﻞ ﻫﻴـﻮم ﻫــﻮ اﻟﻤــﺆﺛﺮ اﻷ ـ ﻋـ ــﺎﻧﻂ‬ ‫اﻟﺬي ﺳــﻮف ﺗﻜﺘﻤــﻞ ﻋـ ﺪ ــﻪ ﻧﻈ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﺎﻋﺘ ﺎرﻫــﺎ ﻧﻈ ــﺔ وﻇــﺎﺋﻒ‬ ‫وﻣﻠ ﺎت اﻟﺬﻫﻦ اﻟ ي‪.‬‬ ‫و ﻀـ ﻒ ﻫﻴــﻮم إ ﻧﻈ ﺘــﻪ ﺣــﻮل اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑـ اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت واﻷﻓ ــﺎر‬ ‫ﺗﻮﺿ ـ ـ ﺤﺎ ور ـ ــﺎ‪ ،‬ﻘـ ــﻮل ﻓ ـ ــﻪ أﻧـ ــﻪ ﻣﺜﻠﻤ ـ ـﺎ أن اﻷﻓ ـ ــﺎر ﺻـ ــﻮر ﻟﻼﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت‪،‬‬ ‫ﻓ ﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﱢ‬ ‫ﻧﻜﻮن أﻓ ﺎرا ﺛﺎﻧ ﺔ ﺗﻜﻮن ﺻﻮرا ﻟﻸﻓ ﺎر اﻷوﻟ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ‬ ‫اﻟـ ــﺬي أﻓﻜـ ــﺮ ﻓ ـ ــﻪ ﻫـ ــﻮ ﺻـ ــﻮرة ذﻫﻨ ـ ــﺔ ﻹدرا اﻟﺤ ـ ـ ﻟﻬـ ــﺬا اﻟﻠـ ــﻮن‪ ،‬وﻫـ ــﺬە‬ ‫‪15‬‬ ‫اﻟﺼ ــﻮرة اﻟﺬﻫﻨ ــﺔ ﻓﻜ ــﺮة أوﻟ ــﺔ‪ ،‬ﺗ ــﺆدي إ ﺗﻜـ ـ ﻦ ﻟﻔﻜ ــﺮة ﺛﺎﻧ ــﺔ ﺗﻜ ــﻮن‬ ‫ﺻـ ــﻮرة ذﻫﻨ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﻣﺴـ ــﺘﻮى ﺛ ـ ــﺎ أ ـ ـ ﺗﺠ ـ ــﺪا ﻋـ ــﻦ ﻓﻜ ـ ــﺮة اﻟﻠ ـ ــﻮن ذاﺗﻬ ـ ــﺎ‪.‬‬ ‫و ــﺬﻫﺐ ﻫﻴ ــﻮم إ أن ﻫ ــﺬا اﻟﺘﻤﻴـ ـ ﺑـ ـ ﻓﻜ ــﺮة أوﻟ ــﺔ وﻓﻜ ــﺮة ﺛﺎﻧ ــﺔ ﻟـ ـ ﺲ‬ ‫اﺳ ـ ً‬ ‫ﺜﻨﺎء ﻣــﻦ ﻧﻈ ﺘــﻪ ﺣــﻮل أوﻟ ــﺔ اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت ﻋ ـ اﻷﻓ ــﺎر ــﻞ ﻫــﻮ ﺗﺄ ــﺪ‬ ‫ﻟﻬ ــﺎ)‪ ،(1‬ذﻟ ــﻚ ﻷن ﻫ ــﺬا اﻟﺘﻤﻴ ـ ﻳ ــﺖ إﻣ ــﺎن أن ﺗﻘ ــﻮم اﻟﻔﻜ ــﺮة اﻷوﻟ ــﺔ ــﺪور‬ ‫اﻧﻄ ــﺎع ﻣــﻦ ﻣﺴــﺘﻮى ﺛــﺎ ﻳــﺆدي إ ﻇﻬــﻮر ﻓﻜــﺮة ﺛﺎﻧ ــﺔ‪ .‬وﻣﻌـ ﻫــﺬا أن ﻣــﺎ‬ ‫ﺴﻤ ﻪ ﻫﻴﻮم ﺎﻻﻧﻄ ــﺎع ﻳ ﺴــﺤﺐ ﻋـ ﻣــﺎ ﺴــﺘﻘ ﻠﻪ اﻟﺤــﻮاس ﻣــﻦ إدرا ــﺎت‪،‬‬ ‫وأ ﻀﺎ ﻋ ﻣﺎ ﺴﺘﻘ ﻠﻪ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ أﻓ ﺎر أوﻟ ﺔ‪.‬‬ ‫و ﻤ ـ ـ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﺑ ـ ـ ﻧ ـ ــﻮﻋ ﻣ ـ ــﻦ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت‪ :‬اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻹﺣﺴ ـ ــﺎس‬ ‫‪ Sensation‬واﻧﻄ ﺎﻋ ـ ـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜـ ـ ـ ـ ‪ Relexion‬أو اﻻﻧﻌ ـ ـ ــﺎس‪ .‬و ﻘ ـ ـ ــﻮل ﻋ ـ ـ ــﻦ‬ ‫اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻹﺣﺴ ـ ــﺎس أﻧﻬ ـ ــﺎ »ﺗ ﺸ ـ ــﺄ اﻟ ـ ــﻨﻔﺲ أﺳﺎﺳ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻣ ـ ــﻦ أﺳـ ـ ـ ﺎب ﻏـ ـ ـ‬ ‫ﻣﻌﺮوﻓــﺔ«)‪ .(2‬ﻟ ــﻦ ﻛ ــﻒ ﺗﻜــﻮن أﺳـ ﺎب اﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻹﺣﺴــﺎس ﻏـ ﻣﻌﺮوﻓــﺔ؟‬ ‫إن ﻫﺬا اﻟﺘ ــﺢ ﻣﻦ ﻗ ﻞ ﻫﻴﻮم ﻌﺪ ﻣﻦ أ ـ أﺟـﺰاء ﻓﻠﺴــﻔﺘﻪ ﻏﻤﻮﺿــﺎ‪ ،‬و ــﺎن‬ ‫ﻣﺼ ــﺪرا ﻻﻋ اﺿ ــﺎت ﻛﺜـ ـ ة ﻣ ــﻦ ﻗ ــﻞ دار ﻓﻠﺴ ــﻔﺘﻪ‪ ،‬و ﻤﻜﻨﻨ ــﺎ ﺗ ــﺮ ﻓﻜ ــﺮة‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم ﻫـ ــﺬە ﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ رأ ـ ــﻪ اﻟـ ــﻨﻔﺲ‪ .‬ــﺎن اﻷﺣـ ــﺮى ﻟﻬﻴـ ــﻮم أن ﻳﺆﻛـ ــﺪ ﺗﺄ ـ ــﺪا‬ ‫ﺣﺎﺳ ــﻤﺎ ﻋـ ـ أن اﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت اﻹﺣﺴ ــﺎس ﺗﺘﻤﺘ ــﻊ ﺼ ــﺤﺔ و ﻘـ ـ ﻣﻄﻠ ــﻖ ﻣﺜﻠﻤ ــﺎ‬ ‫ذﻫ ــﺐ ﻟ ــﻮك‪ ،‬إﻻ أﻧ ــﻪ ﻟ ــﻢ ﻔﻌ ــﻞ ذﻟ ــﻚ واﺧﺘﻠ ــﻒ ﻋﻨ ــﻪ‪ .‬وﺗﻌ ــﺪ ﻫ ــﺬە اﻟﻨﻘﻄ ــﺔ ﻣ ــﻦ‬ ‫أﻫ ــﻢ اﻟﺠﻮاﻧ ــﺐ اﻟـ ـ اﺧﺘﻠﻔ ــﺖ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﺗﺠ ــﺔ ﻫﻴ ــﻮم ﻋ ــﻦ ﺗﺠ ــﺔ ﻟ ــﻮك‪ .‬إن‬ ‫ﻫﻴﻮم اﻟﻌ ﺎرة اﻟﺴﺎ ﻘﺔ ﻻ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ وﺟــﻮد اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻟﺤﺴـ ﺔ ذاﺗﻬــﺎ‪،‬‬ ‫ﻓﻬـ ــﻮ ﻻ ﺸـ ــﻚ وﺟﻮدﻫـ ــﺎ أو اﻟﻤﻮﺿـ ــﻮﻋﺎت اﻟﺤﺴ ـ ـ ﺔ ـ ــﻞ ﻳﺘﺤـ ــﺪث ﻋـ ــﻦ‬ ‫وﺟ ـ ـ ــﻮد اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ـ ـ ــﺎت اﻟﺤﺴـ ـ ـ ـ ﺔ ذاﺗﻬ ـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻓﻬ ـ ـ ــﻮ ﻻ ﺸ ـ ـ ــﻚ وﺟﻮدﻫ ـ ـ ــﺎ أو‬ ‫اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت اﻟﺤﺴ ـ ﺔ اﻟ ـ ﺗ ــﺆﺛﺮ ﻋ ـ أﻋﻀ ــﺎء اﻟﺤ ــﺲ‪ ،‬ــﻞ ﺸ ــﻚ ﻛ ﻔ ــﺔ‬ ‫اﻻﻧﻄ ــﺎع ﻧﻔﺴ ــﻪ‪ ،‬اﻟ ــﻨﻔﺲ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷن ﻋﻤﻠ ــﺔ اﻻﻧﻄ ــﺎع ﺣ ــﺪ‬ ‫ذاﺗﻬ ــﺎ ﺗﻨﻄ ــﻮي ﻋ ـ ﻣﻮﺿ ـ ع ﻣ ــﺪرك ﺣﺴ ـ ﺎ ﻳﻨﻄﺒ ـﻊ اﻟ ــﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻋ ـ اﻟ ــﻨﻔﺲ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪16‬‬ ‫‪Ibid: P. 6.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪ibid: P. 7.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫اﻟ ـ ـ ﻈﻬـ ــﺮ ﻓﻴﻬـ ــﺎ اﻻﻧﻄ ـ ــﺎع‪ .‬ﻻ ﺸـ ــﻚ ﻫﻴـ ــﻮم وﺟـ ــﻮد وﺣﻘ ﻘـ ــﺔ اﻟﻤﻮﺿ ـ ـ ع‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﺒـ ـﻊ أو اﻻﻧﻄ ــﺎع ذاﺗ ــﻪ‪ ،‬ــﻞ ﺸ ــﻚ ﻣﻮﺿـ ـ ع اﻻﻧﻄ ــﺎع وﻫ ــﻮ اﻟ ــﻨﻔﺲ‪،‬‬ ‫ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻨﻔﺲ ذاﺗﻬــﺎ ﻻ ﺗﻌــﺮف ﺎﻧﻄ ــﺎع ﺣ ـ ــﻞ ﻌﻤﻠ ــﺔ اﺳــﺘﺪﻻل ﻋﻘﻠ ــﺔ‬ ‫ﻣﺠــﺮدة‪ .‬وﻣــﺎ ﻌــﺮف ﺎﻧﻄ ــﺎع ﺣ ـ ﻜــﻮن ور ــﺎ‪ ،‬أﻣ ـﺎ ﻣــﺎ ﻌــﺮف ﺎﺳــﺘﺪﻻل‬ ‫ُ‬ ‫ــ‬ ‫و ﺮﻫ ـ ــﺎن ﻜ ـ ــﻮن اﺣﺘﻤﺎﻟ ـ ــﺎ‪ .‬ﻛ ـ ــﻒ إذن ﺗﻌ ـ ــﺮف اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـور ﺔ‬ ‫ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻔﺲ؟ وﻛ ﻒ ُ ﻌﺮف ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣ ﺎ وﻏـ ﻣﺘﻮﺳــﻂ ﻋــﻦ ﻃ ــﻖ‬ ‫وﺳـ ـ ـ ﻂ ﻏـ ـ ـ ﻣ ـ ــﺎ وﻏـ ـ ـ واﺿ ـ ــﺢ ﻟـ ـ ــﺪى اﻟ ـ ــﺬات اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ أﺛﻨ ـ ــﺎء ﻋﻤﻠ ـ ــﺔ‬ ‫اﻻﻧﻄ ﺎع؟ ﻞ ﻫﺬە اﻟﺼﻌ ﺎت اﻟ ﺟﻌﻠﺖ ﻫﻴﻮم ﻀــﻊ اﻟﻌ ــﺎرة اﻟﺴـﺎ ﻘﺔ‬ ‫اﻟ ﺸﻚ ﻓﻴﻬﺎ أﺳ ﺎب ﺸﻮء اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻟﺤﺴـ ﺔ اﻟــﻨﻔﺲ‪ ،‬ذﻟــﻚ ﻷن‬ ‫اﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻣ ﺎ ة و ﻮﺿ ح أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠ ﺔ اﻻﻧﻄ ﺎع‪ ،‬وﺗﺄ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬــﺎ ﻌــﺪ‬ ‫اﻟﻌﻤﻠ ــﺎت اﻟﺬﻫﻨ ــﺔ اﻟـ ﺗﻘــﻮم ﺑﻬــﺎ‪ .‬و ــﻞ ﻣــﺎ ﻧﻌﺮﻓــﻪ‬ ‫ذﻟــﻚ ﻤﻤﺎرﺳــﺔ اﻟﺘﻔﻜـ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠ ﺎت اﻟﺬﻫﻨ ﺔ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻨﻔﺲ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺣ ﺚ اﻟﺠــﻮﻫﺮ‬ ‫ﻓــﻼ ﻧﻌﺮﻓﻬــﺎ‪ ،‬ذﻟــﻚ ﻷن ﻫﻴــﻮم ﻻ ﻌﺘﻘــﺪ أن اﻟــﻨﻔﺲ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ ﺟــﻮﻫﺮ ﺛﺎ ــﺖ‬ ‫ﻌﻜــﺲ ﻣــﺎ ذﻫــﺐ د ــﺎرت وﻻﻳ ﻨـ ‪ ،‬و ــﻞ ﻣــﺎ ﻧﻌﺮﻓــﻪ ﻋﻨﻬــﺎ ﻫــﻮ آﺛﺎرﻫــﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻬــﺎ‪،‬‬ ‫ﺣﻘ ﻘﺘﻬــﺎ ﻟ ﺴــﺖ ﺳــﻮى ﻫــﺬە اﻷﻓﻌــﺎل‪ ،‬ﻓـ وﻇ ﻔــﺔ وﻟ ﺴــﺖ ﺟــﻮﻫﺮا‬ ‫و‬ ‫وﻣ ــﻦ أﺟ ــﻞ ذﻟ ــﻚ ذﻫ ــﺐ إ أن ﺳ ـ ﺐ اﻻﻧﻄ ــﺎع ﻻ ﻤﻜ ــﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘ ــﻪ ﻤ ــﺎ أﻧﻨ ــﺎ ﻻ‬ ‫ﻧﻌــﺮف اﻟــﻨﻔﺲ ﻣﻌﺮﻓــﺔ ﺣﻘ ﻘ ــﺔ ﺎﻋﺘ ﺎرﻫــﺎ ﺟــﻮﻫﺮا‪ .‬و ذا ﻓﻜﺮﻧــﺎ اﻟــﻨﻔﺲ ﻋـ‬ ‫أﻧﻬ ــﺎ ﻟ ﺴ ــﺖ ﺳ ــﻮى ﻣﺠﻤﻮﻋ ــﺔ ﻣ ــﻦ اﻷﻓﻌ ــﺎل اﻟﺬﻫﻨ ــﺔ ﻓ ﺄﻧﻨ ـﺎ ــﺬﻟﻚ ﻧﺮدﻫ ــﺎ إ‬ ‫وﻇ ﻔﺘﻬ ــﺎ اﻟﺤﺴ ـ ﺔ وﺣﺴ ــﺐ‪ ،‬أﻣ ــﺎ ﺟﻮﻫﺮﻫ ــﺎ اﻟﻌﻘ ـ ﻓ ــﻼ ﻤﻜ ــﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘ ــﻪ‪ .‬و ذا‬ ‫ﺎﻧـ ــﺖ اﻟـ ــﻨﻔﺲ ﺳ ـ ـ ﺐ ﺸـ ــﻮء اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﻟ ﺎﻧـ ــﺖ ـ ــﺬﻟﻚ ﺟـ ــﻮﻫﺮا‪،‬‬ ‫ﻟ ﻨﻬﺎ ﻟ ﺴﺖ ﺟﻮﻫﺮا‪ ،‬ﺎﻟﺘﺎ ﻓﺴ ﺐ اﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت ﻻ ﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪.‬‬ ‫أﻣ ـ ــﺎ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ﻓ ـ ــﺬﻫﺐ ﻫﻴ ـ ــﻮم إ أﻧﻬ ـ ــﺎ ﺗﺮﺟ ـ ــﻊ إ اﻷﻓ ـ ــﺎر‪.‬‬ ‫ﻓﻌﻨـ ــﺪﻣﺎ ﻳـ ــﺆﺛﺮ اﻧﻄ ـ ــﺎع ﻣـ ــﺎ ﻋ ـ ـ أﻋﻀـ ــﺎء اﻟﺤـ ــﺲ و ﺠﻌﻠﻨـ ــﺎ ﻧـ ــﺪرك اﻟﺤ ـ ـﺮارة أو‬ ‫اﻟ ودة‪ ،‬اﻟﻌﻄﺶ أو اﻟﺠ ع‪ ،‬اﻟﻠﺬة أو اﻷﻟﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻬﺬا اﻻﻧﻄ ــﺎع ﺴــﺨﺔ أﺧــﺮى‬ ‫ﺴــﺘﻘ ﻠﻬﺎ اﻟﻌﻘــﻞ ﺗ ـ ﻓ ــﻪ ﻌــﺪ أن ﺨــﺘ اﻻﻧﻄ ــﺎع‪ ،‬وﻫــﺬە اﻟ ﺴــﺨﺔ ﻣــﺎ‬ ‫ﺴﻤﻴﻬﺎ ﻫﻴﻮم ﻓﻜﺮة‪ .‬ﻫﺬە اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻦ اﻟﻠﺬة واﻷﻟــﻢ ﻋﻨــﺪﻣﺎ ﺗﺮﺟــﻊ إ اﻟــﻨﻔﺲ‪،‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ﺗ ــﺘﺞ اﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت ﺟﺪ ـ ـﺪة ﺎﻟﺮﻏ ــﺔ واﻹﺣﺠ ــﺎم‪ ،‬أو اﻟﺮﺟ ــﺎء واﻟﺨ ــﻮف‪ ،‬و ﻣ ــﺎ‬ ‫ﻄﻠ ـ ـﻖ ﻋﻠ ـ ــﻪ ﻫﻴـ ــﻮم اﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ﻷﻧﻬـ ــﺎ ﻣﺴـ ــﺘﻘﺎة ﻣـ ــﻦ اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ﺣـ ــﻮل‬ ‫اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت اﻷوﻟ ـ ــﺔ اﻟﺴـ ــﺎ ﻘﺔ‪ .‬وﻣﻌ ـ ـ ﻫـ ــﺬا أن اﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ﺴـ ــﺒﻖ‬ ‫اﻷﻓ ــﺎر‪ ،‬ﻟ ﻨﻬ ــﺎ ﻻ ﺗﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋ ـ اﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت اﻹﺣﺴ ــﺎس‪ .‬و ــﺬﻟﻚ ﻤﻜﻨﻨ ــﺎ ﺗﺮﺗ ــﺐ‬ ‫اﻟﻌﻤﻠ ــﺔ اﻟﺬﻫﻨ ــﺔ اﻟ ﺗ ــﺐ اﻟﺘ ــﺎ ‪ :‬اﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت اﻟﺤـ ـﻮاس ‪ ‬أﻓ ــﺎر أوﻟ ــﺔ ‪‬‬ ‫اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜـ ـ ـ ‪ ‬أﻓ ـ ــﺎر ﺛﺎﻧ ـ ـ ــﺔ ‪ ‬أﻓ ـ ــﺎر ﻣﺠـ ـ ــﺮدة )اﻟﻤ ـ ــﺎن واﻟﺰﻣـ ـ ــﺎن‬ ‫واﻟﺴ ﺒ ﺔ واﻻﻋﺘﻘﺎد(‪.‬‬ ‫‪ ‐ 3‬ﻣﻠ ﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪:‬‬ ‫و ﻌ ــﺪ أن ـح ﻫﻴ ــﻮم اﻟﻌﻼﻗ ــﺔ ﺑ ـ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ــﺎت واﻷﻓ ــﺎر‪ ،‬ــﺄ ﻋ ـ‬ ‫أﺣ ــﺪ أﻫ ــﻢ ﺟﻮاﻧ ــﺐ ﻧﻈ ﺘ ــﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ وﻫ ــﻮ اﻟﻤﺘﻌﻠ ــﻖ ﺎﻟﻤﻠ ــﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ‪،‬‬ ‫وﻫـ ــﻮ‬ ‫ـ ـح ﺎﻟﺘﻔﺼ ـ ـ ﻞ ﻣﻠ ﺘ ـ ـ ﻫﻤـ ــﺎ اﻟـ ــﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ ‪Memory /‬‬ ‫‪ Imagination‬ــﺬﻫﺐ ﻫﻴ ــﻮم إ أن اﻻﻧﻄ ــﺎع ﻋﻨـ ـﺪﻣﺎ ﺤ ـ ـ ﻟﻠﻌﻘ ــﻞ ﻜ ــﻮن‬ ‫ـ ﻣ ــﻦ‬ ‫ﻓﻜــﺮة‪ ،‬وﻫــﺬە اﻟﻔﻜ ــﺮة ﺗﻮﺟــﺪ ﻓ ــﻪ ﻄ ـ ﻘﺘ ‪ :‬إﻣ ــﺎ أن ﺗﺤ ـ اﻟﻔﻜ ــﺮة‬ ‫اﻟﺤﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬أو أن ﺗﻔﻘـ ــﺪ ﻫ ـ ــﺬە اﻟﺤﻴ ـ ــﺔ وﺗﺼـ ــﺒﺢ ﻓﻜ ـ ــﺮة ﺎﻣﻠـ ــﺔ‪ .‬واﻟﻤﻠ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ‬ ‫ﺴــﺘﻌ ﺪ ﺑﻬــﺎ اﻟــﺬﻫﻦ اﻟﻔﻜــﺮة ﺤﻴ ﺘﻬــﺎ و ﻤــﺎ ﺗﻠﻘﺎﻫــﺎ ﻣــﻦ اﻟﺤــﻮاس اﻟــﺬا ﺮة‪،‬‬ ‫واﻟﻤﻠ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﻔﻜـ ــﺮ ﺑﻬـ ــﺎ اﻟـ ــﺬﻫﻦ اﻷﻓ ـ ــﺎر ﻌـ ــﺪ أن ﺗﻜـ ــﻮن إﺣﺴﺎﺳـ ــﺎﺗﻬﺎ ﻗـ ــﺪ‬ ‫ﺴ اﻟﻤﺨ ﻠﺔ)‪ .(1‬وﻣﻌ ﻫﺬا أن ﻣﻠ ـ اﻟــﺬا ﺮة‬ ‫ﻏﺎ ﺖ ﻋﻦ اﻹدراك اﻟﺤ‬ ‫واﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ﺨﺘﺼ ــﺎن ﺎﺳﺘﺤﻀ ــﺎر اﻟﻔﻜ ــﺮة ﻌ ــﺪ أن ﻜ ــﻮن إﺣﺴﺎﺳ ــﻬﺎ ﻗ ــﺪ ﻏ ــﺎب‬ ‫ﻋــﻦ اﻹدراك اﻟﺤ ـ‪ ،‬اﻟــﺬا ﺮة ﺴــﺘﻌ ﺪ اﻟﻔﻜــﺮة ﻤــﺎ ﺣــﺪﺛﺖ وﺗﺮﺳــﻤﻬﺎ ﺄﻟﻮاﻧﻬــﺎ‬ ‫اﻟﺤﻘ ﻘ ــﺔ‪ ،‬أﻣ ــﺎ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ﻓ ـ اﺳﺘﺤﻀ ــﺎر ﺻ ــﻮرة ذﻫﻨ ــﺔ ﺎﻫﺘ ــﺔ ﻋ ــﻦ اﻟﻔﻜ ــﺮة‪.‬‬ ‫و ﺪو ﻣﻦ ح ﻫﻴﻮم ﻟﻤﻠ ﺔ اﻟﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠــﺔ أن اﻟﻔــﺮق ﺑ ﻨﻬﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻓــﺮق‬ ‫اﻟﺪرﺟ ــﺔ‪ ،‬ﺤ ــﺚ ﺴﺘﺤ ـ ـ اﻟ ــﺬا ﺮة اﻟﻔﻜ ــﺮة اﻟﺤﻴ ــﺔ و ﺴﺘﺤ ـ ـ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‬ ‫ﻓﻜــﺮة ﺎﻫﺘــﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ اﻟﻔــﺮق ﺑ ﻨﻬﻤــﺎ ﻟـ ﺲ ﻓﺮﻗــﺎ اﻟﺪرﺟــﺔ وﺣﺴــﺐ‪ ،‬ــﻞ ﻓــﺮق‬ ‫اﻷﻓ ــﺎر اﻟﺤﺴ ـ ﺔ‪ ،‬أﻣ ـﺎ‬ ‫اﻟﻨـ ع أ ﻀــﺎ‪ .‬ذﻟــﻚ ﻷن اﻟــﺬا ﺮة ﻻ ﻤﻜﻨﻬــﺎ إﻻ اﻟﺘﻔﻜ ـ‬ ‫اﻷﻓ ـ ــﺎر اﻟﻤﺠ ـ ــﺮدة أو ﺎﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻟﺪرﺟ ـ ــﺔ‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠ ـ ــﺔ ﻓﺘﺨ ـ ــﺘﺺ ـ ــﺎﻟﺘﻔﻜ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: PP. 8-9.‬‬ ‫‪18‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻟﺜﺎﻧ ــﺔ‪ .‬و ﻌـ ـ ﻫﻴ ــﻮم اﻷوﻟ ــﺔ ﻟﻠ ــﺬا ﺮة اﻟﻌﻤﻠ ــﺎت اﻟﻌﻘﻠ ــﺔ اﻷ ـ ـ رﻗ ــﺎ‬ ‫وﺗﻌﻘ ـﺪا‪ ،‬ﻣﺜ ــﻞ إدراك اﻟﺘ ــﻮا أو اﻟﺘﺘ ــﺎﺑﻊ‪ ،‬واﻻﺳ ــﺘﺪﻻل واﻟﺤ ــﻢ)‪ .(1‬واﻟﺤﻘ ﻘ ــﺔ‬ ‫أﻧﻪ أﺧﻄﺄ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻷن ﻫﺬە اﻟﻌﻤﻠ ﺎت اﻟﻌﻘﻠ ﺔ ﺗﻌﺘﻤــﺪ ﻋـ اﻷﻓ ــﺎر اﻟﻤﺠــﺮدة‬ ‫وﻋـ ـ اﻟ ﻠ ــﺎت‪ ،‬وﻫ ــﺬە ﻟ ﺴ ــﺖ ﻣ ــﻦ إﻧﺘ ــﺎج اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ــﻞ ﻣ ــﻦ إﻧﺘ ــﺎج اﻟﻔﻬ ــﻢ‪،‬‬ ‫وﻣﻌـ ـ ﻫ ــﺬا أن إدراك اﻟﻌﻼﻗ ــﺔ ﺑـ ـ ﻓﻜ ــﺮة وأﺧ ــﺮى و دراك اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ واﻟﻘ ــﺎم‬ ‫ﻔﻌ ــﻞ اﻟﺤ ــﻢ ﻻ ﻤﻜ ــﻦ أن ﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋـ ـ اﻟ ــﺬا ﺮة وﺣ ــﺪﻫﺎ ــﻞ ﻋـ ـ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‪،‬‬ ‫ذﻟ ـ ــﻚ ﻷﻧﻬ ـ ــﺎ اﻟﻘ ـ ــﺪرة ﻋ ـ ـ اﺳﺘﺤﻀ ـ ــﺎر ﻋﻼﻗ ـ ــﺎت ﺑ ـ ـ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت ﻟ ﺴ ـ ــﺖ‬ ‫ﻣﻮﺟ ـ ــﻮدة اﻟﺤ ـ ــﻮاس‪ ،‬وﻫ ـ ــﺬا اﻻﺳﺘﺤﻀ ـ ــﺎر ﻟﻠﻌﻼﻗ ـ ــﺎت اﻟﻤﺨ ﻠ ـ ــﺔ ﻫ ـ ــﻮ‬ ‫اﻟﺤﻘ ﻘــﺔ ﻟـ ﺲ اﺳﺘﺤﻀــﺎرا ﻟ ـ ــﺎن ﻣﻮﺟــﻮدا أﻣــﺎم اﻟﺤــﻮاس وﻏــﺎب ﻋﻨﻬــﺎ‬ ‫ﺴـ ــﺘﻌ ﺪە اﻟـ ــﺬا ﺮة‪ ،‬ـ ــﻞ ﻫـ ــﻮ إﻧﺘـ ــﺎج ﻟﻬـ ــﺬە اﻟﻌﻼﻗـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ﻟـ ــﻢ ﻌﻴﻬـ ــﺎ اﻹدراك‬ ‫اﻟﺤ ـ ـ ﻣﻨـ ــﺬ اﻟ ﺪا ـ ــﺔ‪ .‬ﺗ ـ ــﺪو ﻣﻠ ـ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ ﻋﻨ ـ ـﺪ ﻫﻴـ ــﻮم ﻋ ـ ـ أﻧﻬـ ــﺎ ﺳـ ــﻠﺒ ﺔ‬ ‫وﻣﺘﻠﻘ ـ ــﺔ وﺣﺴ ـ ــﺐ‪ ،‬ﺣـ ـ ـ أﻧﻬ ـ ــﺎ إ ﺠﺎﺑ ـ ــﺔ‪ ،‬ذﻟ ـ ــﻚ ﻷﻧﻬ ـ ــﺎ ﺗﻜ ﺸ ـ ــﻒ وﺗﻘـ ـ ـ ﻢ‬ ‫ﻋﻼﻗﺎت ﺑ اﻷﻓ ﺎر ﻟﻢ ﺗﻜﻦ واﺿﺤﺔ ﻟﻠﺤــﻮاس‪ .‬و ــﺎن ﻋــﺪم ﻗــﺪرة ﻫﻴــﻮم ﻋـ‬ ‫اﻟﺘﻤﻴـ اﻟــﺪﻗﻴﻖ ﺑـ وﻇ ﻔـ اﻟــﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠــﺔ ﻣــﻦ ﺑـ اﻟﻨﻘــﺎط اﻟـ ﻧﻘــﺪﻫﺎ‬ ‫ﺎﻧﻂ وﻣ ﻋ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﺑ وﻇ ﻔﺘ ﻟﻠﻤﺨ ﻠﺔ‪ ،‬ﻣﺘﻠﻘ ﺔ وﻣﻨﺘﺠﺔ‪.‬‬ ‫وﻋ ـ اﻟــﺮﻏﻢ ﻣــﻦ ﺗﻠــﻚ اﻻﻧﺘﻘــﺎدات اﻟ ـ ﺗﻮﺟــﻪ ﻟﻨﻈ ــﺔ ﻫﻴــﻮم ﻣﻠ ــﺔ‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧ ــﻪ اﻟﺤﻘ ﻘ ــﺔ ﻠﺤ ــﻖ ﺑﻬ ــﺎ ﺷ ـ ﺌﺎ ﻣ ــﻦ اﻻﺳ ــﺘﻘﻼل ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺬا ﺮة‬ ‫و ﺠﻌﻠﻬ ــﺎ ﻣﺮﺗ ــﺔ وﺳ ــﻂ ﺑ ﻨﻬ ــﺎ و ـ ـ ﻣﻠ ــﺔ اﻟﻔﻬ ــﻢ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷﻧ ــﻪ ﻠﺤ ــﻖ ﺑﻬ ــﺎ‬ ‫وﻇ ﻔـ ــﺔ ﺗـ ــﺪا اﻷﻓ ـ ــﺎر ‪ .association of ideas‬ـ ــﺬﻫﺐ ﻫﻴـ ــﻮم إ أن‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠــﺔ ﺗﻔﺼــﻞ ﺑـ اﻷﻓ ـﺎر اﻟ ﺴـ ﻄﺔ و ﻧﻔــﺲ اﻟﻮﻗــﺖ ﺗـ ﻂ ﺑ ﻨﻬــﺎ‪ ،‬ﻟ ﻨﻬــﺎ‬ ‫ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺬا اﻟ ﻂ اﻋﺘ ﺎﻃﺎ ﻞ ﻋ أﺳﺎس ﻣ ﺪأ ﻣﻮﺟﻪ وﻫﻮ ﺗــﺪا اﻷﻓ ــﺎر‪.‬‬ ‫وﻟـ ــﻢ ﻳﻨﻈـ ــﺮ ﻫﻴـ ــﻮم إ اﻟﻘـ ــﺪرة ﻋـ ـ إﺣـ ــﺪاث اﻟﺘـ ــﺪا ﺑـ ـ اﻷﻓ ـ ــﺎر ﻋ ـ ـ أﻧﻬـ ــﺎ‬ ‫ﺧﺎﺻـ ــﺔ ﺎﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ وﺣـ ــﺪﻫﺎ ـ ــﻞ ذﻫـ ــﺐ إ أن ﻟﻠـ ــﺬا ﺮة دورا أﺳﺎﺳ ـ ـ ﺎ ﻫـ ــﺬا‬ ‫اﻟﺘــﺪا )‪ .(2‬وﻟــﺬﻟﻚ ﻓﻬــﻮ ﻻ ﻳ ـﺰال ﻌ ـ اﻷوﻟ ــﺔ ﻟﻠــﺬا ﺮة‪ .‬أﻣــﺎ اﻟﻤﺨ ﻠــﺔ ذاﺗﻬــﺎ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪19‬‬ ‫‪Ibid: P. 84-86.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Ibid: P. 87.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ﻓﺘﺨ ــﺘﺺ ﺎﻟﻘ ــﺎم ﻔﻌ ــﻞ اﻟﺘ ــﺪا ﻧﻔﺴ ــﻪ‪ ،‬وﻫ ــﺬا اﻟﻔﻌ ــﻞ ﻘ ــﻮم ﺑﻮﻇ ﻔﺘ ــﻪ ﻋ ـ‬ ‫أﺳ ـ ــﺎس ﺛ ـ ــﻼث ﻣ ـ ــﺎدئ‪ :‬اﻟﺘﻄ ـ ــﺎﺑﻖ ‪ Resemblance‬واﻻﺧ ـ ــﺘﻼف ‪Contiguity‬‬ ‫واﻟﺴ ـ ﺐ واﻟﻨ ﺠــﺔ ‪ .Cause and Effect‬ﻓﺎﻟﻤﺨ ﻠــﺔ ﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻻﻧﺘﻘــﺎل ﻣــﻦ‬ ‫ﻓﻜﺮة إ أﺧﺮى واﻟ ﻂ ﺑ ﻨﻬﻤﺎ إذا ﺎن ﺑ ﻨﻬﻤﺎ ﺗﻄــﺎﺑﻖ‪ ،‬و ذا ــﺎن ﺑـ اﻟﻔﻜــﺮﺗ‬ ‫اﺧـ ــﺘﻼف ﻓـ ــﺈن ﺣﻀـ ــﻮر اﻟﻮاﺣـ ــﺪة ﻣﻨﻬﻤـ ــﺎ ﻳـ ــﺆدي إ ﺗـ ــﺪا اﻟﻔﻜـ ــﺮة اﻷﺧـ ــﺮى‪،‬‬ ‫وﻛ ـ ــﺬﻟﻚ اﻟﺤ ـ ــﺎل ﺎﻟ ﺴ ـ ـ ﺔ ﻟﻠﺴ ـ ـ ﺐ واﻟﻨ ﺠ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺤﻀ ـ ــﻮر اﻟﺴ ـ ـ ﺐ ﻳ ـ ــﺆدي إ‬ ‫ﺗ ــﺪا اﻟﻨ ﺠ ــﺔ اﻟ ــﺬﻫﻦ ﻋ ــﻦ ﻃ ــﻖ اﻟﻤﺨ ﻠـ ـﺔ ﺣـ ـ ﻟ ــﻮ ﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻦ اﻟﻨ ﺠ ــﺔ‬ ‫ﺣــﺎ ة‪ ،‬واﻟﻌﻜــﺲ ﺻــﺤﻴﺢ أ ﻀــﺎ إذا ﺣ ـت اﻟﻨ ﺠــﺔ و ــﺘﻢ ﺗــﺪا ﺳـ ﺒﻬﺎ‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠ ـﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﻻ ﺗ ـﺰال ﻫﻨ ــﺎك ﺻ ــﻌ ﺎت ﻧﻈ ــﺔ ﻫﻴ ــﻮم اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‪ ،‬ﻓ ــﺈذا‬ ‫ﺎﻧـ ــﺖ اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ ﺗﻘـ ــﻮم ﺑﻮﻇ ﻔـ ــﺔ اﻟﺘـ ــﺪا ﺑ ـ ـ اﻷﻓ ـ ــﺎر ﻋ ـ ـ أﺳـ ــﺎس ﻣ ـ ــﺎدئ‬ ‫اﻟﺘﻄ ــﺎﺑﻖ واﻻﺧ ــﺘﻼف واﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ‪ ،‬ﻓﻬ ــﻞ ﻌـ ـ ﻫ ــﺬا أن ﻫ ــﺬە اﻟﻤ ــﺎدئ اﻟﺜﻼﺛ ــﺔ‬ ‫ﻗ ﻠ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ؟ )‪ (1‬ﻟ ــﻢ ﻄ ـ ح ﻫﻴ ـﻮم ﻫ ــﺬا اﻟﺴ ــﺆال و ﺎﻟﺘ ــﺎ ﻻ ﻧﺠ ــﺪ ﻋﻠ ــﻪ‬ ‫إﺟﺎ ـ ــﺔ ﻓﻠﺴـ ــﻔﺘﻪ‪ .‬ﻓﻤـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ ﻣﺼـ ــﺪر ﻣ ـ ــﺎدئ اﻟﺘـ ــﺪا اﻟﺜﻼﺛـ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ؟‬ ‫ﻤ ـ ــﻞ ﻫﻴ ـ ــﻮم إ اﻟ ـ ــﺬﻫﺎب إ أن ﻫ ـ ــﺬە اﻟﻤ ـ ــﺎدئ ﺗﻨﻤ ـ ــﻮ ﺑﺘﻠﻘﺎﺋ ـ ــﺔ ﺑﻨ ـ ــﺎء ﻋ ـ ـ‬ ‫اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻤﺨ ﻠﺔ ﻋ اﺳﺘﻌﺎدة اﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت اﻟﺤﺴ ﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﻫــﻞ ﻤﻜــﻦ اﻟﻨﻈــﺮ‬ ‫إ ﻫـ ــﺬە اﻟﻤ ـ ــﺎدئ ﻋ ـ ـ أﻧﻬـ ــﺎ ﻣ ـ ــﺎدئ ﻋﻘﻠ ـ ــﺔ ﺧﺎﻟﺼـ ــﺔ أم أﻧﻬـ ــﺎ ﻣﺠـ ــﺮد أﻓﻌـ ــﺎل‬ ‫ﺗﻠﻘﺎﺋ ــﺔ؟ ﻻ ﻳ ﺸ ــﻐﻞ ﻫﻴ ــﻮم ﺑﻬ ــﺬە اﻟﻨﻮﻋ ــﺔ ﻣ ــﻦ اﻷﺳ ــﺌﻠﺔ‪ ،‬ﺗﻠ ــﻚ اﻟـ ـ ﺳـ ــﻮف‬ ‫ﺸ ـ ــﻐﻞ ـ ــﺎﻧﻂ »ﻧﻘ ـ ــﺪ اﻟﻌﻘ ـ ــﻞ اﻟﺨ ـ ــﺎﻟﺺ«‪ ،‬و ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﺎ ـ ــﺎن ﻳﻬ ـ ــﻢ ﻫﻴ ـ ــﻮم‬ ‫اﺳﺘﻌﺮاﺿ ــﻪ ﻟﻤﻠ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ وأﻓﻌﺎﻟﻬ ــﺎ اﻟﺘ ــﺪا ﻫ ــﻮ ﺗﻮﺿ ــﻴﺢ أن اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ‬ ‫ﻟ ﺴــﺖ ﻗﺎﻧﻮﻧــﺎ ﺣﺎ ﻤــﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗــﺔ ﺑ ـ اﻷﺷ ـ ﺎء ﻜ ﺸــﻔﻪ اﻟﻌﻘــﻞ اﻟ ـى ﻘــﺪر ﻣــﺎ‬ ‫ﻃ ﻘ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ اﻟ ـ ﻂ ﺑ ـ اﻷﻓ ــﺎر‪ ،‬ﻤﻌ ـ أن اﻟﺴ ـ ﺒ ﺔ ﻓﻌ ــﻞ ذﻫ ـ‬ ‫وﺣﺴ ــﺐ ﺼ ــﺪر ﺑﻨ ــﺎء ﻋ ـ ﻃﺒ ﻌﺘﻨ ــﺎ اﻟ ـ ﺔ وﻻ ﻤﻜ ــﻦ أن ﻳ ــﺆدي إ ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ‬ ‫أي ﺣﺘﻤ ﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺎﻟﻄﺒ ﻌﺔ‪ ،‬ﻓ ﻞ ﻣﺎ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﺣﺘﻤﺎ وﻣﻤﻜﻦ‪.‬‬ ‫وﻋﻨ ــﺪ ﻫ ــﺬا اﻟﻮﺻ ــﻒ ﻟﻤ ــﺎدئ اﻟﺘ ــﺪا ﻟ ــﺪى اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ﻳ ــﺘ ﺣ ــﺪ ﺚ‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم ﻋﻨﻬ ــﺎ‪ ،‬و ﺘﻘ ــﻞ ﻣﻨﻬ ــﺎ إ أﻓ ــﺎر ﺛﻼﺛ ــﺔ أﺧ ــﺮى‪ ،‬ﻻ ﺗﺨ ــﺺ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ــﻞ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Norman Kemp Smith: op. cit, PP. 110-112.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﺗﺨــﺺ ﻣﻠ ــﺔ اﻟﻔﻬــﻢ و أﻓ ــﺎر اﻟﻌﻼﻗــﺎت واﻷﺣــﻮال واﻟﺠــﻮاﻫﺮ‪ .‬وﻫــﻮ ﻳ ﺘﻘــﻞ‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠــﺔ إ ﻣ ــﺎدئ ﻣﻠ ــﺔ اﻟﻔﻬــﻢ ﻓﻘــﺮة ﻘــﻮل ﻓﻴﻬــﺎ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ ﻣ ﺎدئ اﻟﺘﺪا‬ ‫»وﻣــﻦ ﺑ ـ آﺛــﺎر ﻫــﺬا اﻻﺗﺤــﺎد أو اﻟـ ا ﻂ ﺑـ اﻷﻓ ــﺎر ﻟ ـ ﺲ ﻫﻨــﺎك ﻣــﺎ ﻫــﻮ أ ـ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣـ ــﺔ ﻟﺘﻔﻜ ﻧـ ــﺎ‬ ‫أﻫﻤ ــﺔ ﻣـ ــﻦ ﺗﻠ ــﻚ اﻷﻓ ـ ــﺎر اﻟﻤﺮﻛ ــﺔ واﻟـ ـ‬ ‫واﺳـ ــﺘﺪﻻﻻﺗﻨﺎ‪ ،‬واﻟ ـ ـ ﺗ ﺸ ـ ـﺄ ﻣـ ــﻦ اﺗﺤـ ــﺎد أﺻ ـ ـ ﺑ ـ ـ أﻓ ﺎرﻧـ ــﺎ اﻟ ﺴ ـ ـ ﻄﺔ‪ .‬ﻫـ ــﺬە‬ ‫اﻷﻓ ـ ـ ـ ــﺎر اﻟﻤﺮﻛ ـ ـ ـ ــﺔ ﺗﻨﻘﺴ ـ ـ ـ ــﻢ إ اﻟﻌﻼﻗ ـ ـ ـ ــﺎت ‪ Relations‬واﻷﺣ ـ ـ ـ ــﻮال ‪modes‬‬ ‫واﻟﺠــﻮاﻫﺮ ‪ .(1) «Substances‬إن ﻫﻴــﻮم ــﺬﻟﻚ ﻳﺆﺳــﺲ ﺗﻠــﻚ اﻷﻓ ــﺎر اﻟﻤﺮﻛ ــﺔ‬ ‫ﻋـ ـ أﺳ ــﺎس أﻓﻌ ــﺎل اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ وﻗ ــﻮاﻧ اﻟﺘ ــﺪا اﻟﺜﻼﺛ ــﺔ ﻓﻴﻬ ــﺎ‪ .‬واﻟﻤﻼﺣ ــﻆ أن‬ ‫ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻻ ﻳ ﻨ ـ ــﺎول ﻣﺴ ـ ــﺄﻟﺔ وﺟ ـ ــﻮد ﻋﻼﻗ ـ ــﺎت أو أﺣ ـ ــﻮال أو ﺟ ـ ــﻮاﻫﺮ اﻟﻌ ـ ــﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺤﻘـ ـ ـ ‪ ،‬ﻓﻠ ـ ـ ـ ﺲ ﻫﺪﻓـ ـ ــﻪ أﻧﻄﻮﻟﻮﺟ ـ ـ ــﺎ اﻷﺳـ ـ ــﺎس‪ ،‬ـ ـ ــﻞ ﻫﺪﻓـ ـ ــﻪ اﻷﺳـ ـ ــﺎ‬ ‫إ ﺴ ـ ــﺘﻤﻮﻟﻮ ‪ ،‬و ﻤﻌـ ـ ـ أدق ﺳـ ـ ـ ﻜﻮﻣﻌﺮ ‪ ،‬إذ ﻳﻬ ـ ــﺪف ﺗﻮﺿ ـ ــﻴﺢ اﻟﻌﻤﻠ ـ ــﺎت‬ ‫اﻟﺬﻫﻨ ــﺔ اﻟـ ـ ﻧ ــﺪرك ﻋ ــﻦ ﻃ ﻘﻬ ــﺎ ﻋﻼﻗ ــﺎت وأﺣ ــﻮال وﺟ ــﻮاﻫﺮ‪ .‬و ــﺬﻟﻚ ﻟ ــﻦ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻣﻠ ﺔ اﻟﻔﻬﻢ اﻟ ﺸﺘﻐﻞ ﺄﻓ ﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ واﻟﺤﺎل واﻟﺠﻮﻫﺮ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ‬ ‫أﻓﻌﺎﻟﻬـ ــﺎ ـ ــﻞ ﺳـ ــﺘﻜﻮن ﺗﺎ ﻌـ ــﺔ ﻟﻤﻠ ـ ــﺔ اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ‪ ،‬إذ ﺗﻌﺘﻤـ ــﺪ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ إﻣـ ــﺪادﻫﺎ‬ ‫ﺑﻨﻈﺎم وﺗﺮﺗ ﺐ ﻣﻌ ﻟﻸﻓ ﺎر ﺻﻮرة ﺗﻄﺎﺑﻖ أو اﺧﺘﻼف أو ﺳ ﺐ وﻧ ﺠــﺔ‪.‬‬ ‫وﻫــﺬا ﻋﻜــﺲ وﺿــﻊ ﻣﻠ ــﺔ اﻟﻔﻬــﻢ ﻋﻨــﺪ ــﺎﻧﻂ واﻟ ـ ﺗﺤــﻮز ﻋ ـ اﺳــﺘﻘﻼل ﻋــﻦ‬ ‫ﻣﻠ ﺔ اﻟﻤﺨ ﻠﺔ ﻤﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻣ ﺎدئ ﻗ ﻠ ﺔ اﻟ ﻛ ﺐ ﺑ اﻟﻈﺎﻫﺮات‪.‬‬ ‫وﻋ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻘﺪرة ﻋ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﻼﻗــﺎت ﺗﺨــﺺ اﻟﻔﻬــﻢ‪ ،‬إﻻ أن‬ ‫ﻟﻠﻤﺨ ﻠــﺔ ﻧﺼ ـ ﺐ ﻓﻴﻬــﺎ‪ ،‬إذ ﻳﺘﻤﺜــﻞ دورﻫــﺎ إدراك أد أﻧــﻮاع اﻟﻌﻼﻗــﺎت و‬ ‫اﻟﺘﻄ ـ ــﺎﺑﻖ ‪ resemblance‬واﻟﻬ ـ ــﺔ ‪ .Identity‬اﻟﺘﻄ ـ ــﺎﺑﻖ ﻫ ـ ــﻮ اﻟﻌﻼﻗ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ‬ ‫ﺗ ــﺪرﻛﻬﺎ اﻟﻤﺨ ﻠـ ــﺔ‪ ،‬أﻣـ ــﺎ اﻟﻔﻌـ ــﻞ اﻟﻤﻌـ ــﺮ اﻟـ ــﺬي ﻘـ ــﻮم ـ ــﻪ اﻟﻔﻬـ ــﻢ ﻋـ ـ أﺳـ ــﺎس‬ ‫اﻟﺘﻄ ـ ــﺎﺑﻖ ﻓﻬ ـ ــﻮ اﻟﻤﻘﺎرﻧ ـ ــﺔ‪ .‬واﻟﻬ ـ ــﺔ اﻟﻌﻼﻗ ـ ــﺔ اﻟـ ـ ـ ﻜ ﺸ ـ ــﻔﻬﺎ اﻟ ـ ــﺬﻫﻦ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿ ع اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻟ ﻨﻪ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ زﻣﺎن وﻣ ــﺎن ﻣﺨﺘﻠــﻒ‪ .‬وﻟــﺬﻟﻚ‬ ‫ــﺄ ﻫﻴ ــﻮم ﻋـ ـ ﻓﻜ ــﺮة اﻟﺰﻣ ــﺎن واﻟﻤ ــﺎن ﻣ ــﺎ ة ﻣ ــﻊ ﻣﻔﻬ ــﻮم اﻟﻬ ــﺔ‪ ،‬وﻫﻤ ــﺎ‬ ‫ﻌ ـ ــﺪان أﺳ ـ ــﺎس اﻟﻤﻘﺎرﻧ ـ ــﺔ وﻓ ـ ــﻖ اﻷ ﻌ ـ ــﺎد اﻟﻤ ﺎﻧ ـ ــﺔ واﻟﺰﻣﺎﻧ ـ ــﺔ ﻣﺜ ـ ــﻞ اﻟﺘﺠ ـ ــﺎور‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Hume: op. cit, P. 13‬‬ ‫‪21‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫واﻟﻤﺴــﺎﻓﺔ واﻟﻘ ــﻞ واﻟ ﻌــﺪ‪ .‬وﻣــﻦ ﺑ ـ اﻟﻌﻼﻗــﺎت اﻷﺧــﺮى اﻟ ـ ﻌ ـﺪدﻫﺎ ﻫﻴ ــﻮم‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘــﺔ ــﺎﻟ ﻢ ﻣﺜــﻞ اﻟﻌــﺪد‪ ،‬واﻟﻤﺘﻌﻠﻘــﺔ ــﺎﻟ ﻒ ﻣﺜــﻞ اﻟﺪرﺟــﺔ‪ ،‬وﻋﻼﻗــﺔ‬ ‫أﺧــﺮى ﻳ ــﺪو أﻧﻬــﺎ ﻻ ﺗﻘـ ﻢ أي ﺻــﻠﺔ ﺑـ اﻷﻓ ــﺎر ﻟ ﻨﻬــﺎ اﻟﺤﻘ ﻘــﺔ ﺗﻘـ ﻢ ﺻــﻠﺔ‬ ‫ﻣـ ـ ــﻦ ﻧ ـ ـ ـ ع ﻣـ ـ ــﺎ و اﻟﺘﻨـ ـ ــﺎﻓﺮ ‪ ،Contrariety‬وأﺧ ـ ـ ـ ا ﻫﻨـ ـ ــﺎك ﻋﻼﻗـ ـ ــﺔ اﻟﺴ ـ ـ ـ ﺐ‬ ‫ﺣﻬﺎ ﻘ ﺔ ﺤﺜﻪ)‪.(1‬‬ ‫واﻟﻨ ﺠﺔ اﻟ ﺳﻮف ﻳﺘﻮﺳﻊ ﻫﻴﻮم‬ ‫‪ ‐ 4‬اﻟﺠﻮاﻫ ـﺮ‪:‬‬ ‫أﻣ ــﺎ اﻟﺠ ــﻮﻫﺮ ﻓ ــﺈن ﻟﻬﻴ ــﻮم ﻧﻈ ــﺔ ﺧﺎﺻ ــﺔ ﻓ ــﻪ‪ ،‬إذ ﻳ ــﺮﻓﺾ أن ﻜ ــﻮن‬ ‫اﻷﺷ ـ ﺎء و ــﺬﻫﺐ إ أﻧــﻪ ﻣﺠــﺮد ﻃ ﻘﺘﻨــﺎ ﻧﺤ ــﻦ‬ ‫ﻟﻠﺠــﻮﻫﺮ وﺟــﻮد ﺣﻘ ـ‬ ‫اﻟﺘﻔﻜـ ـ ـ ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ ﺨـ ـ ـ ل اﻟﺠ ـ ــﻮﻫﺮ إ اﻻﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت‪ .‬وﻷﻫﻤ ـ ــﺔ ﺣ ـ ــﺪ ﺚ‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم ﻋ ــﻦ اﻟﺠ ــﻮﻫﺮ واﻷﻋـ ـﺮاض ﻧ ــﻮرد ﻓ ﻤ ــﺎ ـ ـ ﻧ ــﺺ ﺣﺪﻳﺜـ ـﻪ ﻋـ ـ ﻃﻮﻟ ــﻪ‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣــﺎ ﻘﻮﻟــﻪ ﺎﻟﻀـ ﻂ ﻋــﻦ ﻫــﺬا اﻟﻤﻮﺿـ ع‪ .‬ﻘــﻮل ﻫﻴــﻮم‪» :‬إﻧـ أﺳــﺄل‬ ‫ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﺳﺴﻮن ﻛﺜ ا ﻣــﻦ اﺳـﺘﺪﻻﻻﺗﻬﻢ ﻋـ اﻟﺘﻤﻴـ ﺑـ‬ ‫اﻟﺠــﻮﻫﺮ واﻟﻌــﺮض واﻟــﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨ ﻠــﻮن أﻧﻨــﺎ ﻧﺤــﻮز ﻋ ـ أﻓ ــﺎر واﺿــﺤﺔ ﺣــﻮل‬ ‫ﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻫﻞ ﻤﻜﻦ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﺠﻮﻫﺮ أن ﺴــﺘ ﻣــﻦ اﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻹﺣﺴــﺎس‬ ‫أو اﻧﻄ ﺎﻋﺎت اﻟﺘﻔﻜ ؟ إذا ﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺠﻮﻫﺮ ﺗﺆﻛــﺪﻫﺎ ﻟــﺪﻳﻨﺎ ﺣﻮاﺳــﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻧــﺎ‬ ‫أ ﺴ ــﺎءل ـ ــﺄي ﺣﺎﺳ ــﺔ ﻣﻨﻬـ ــﺎ و ــﺄي ﻃ ﻘـ ــﺔ؟ إذا ﺎﻧ ــﺖ ﻫـ ــﺬە اﻟﻔﻜ ــﺮة ﻣﺪرﻛـ ــﺔ‬ ‫ــﺎﻟﻌ ﻓ ﺠــﺐ أن ﺗﻜــﻮن ﻟﻮﻧــﺎ‪ ،‬و ذا ﺎﻧــﺖ ﻣﺪرﻛــﺔ ــﺎﻷذن ﻓ ﺠــﺐ أن ﺗﻜــﻮن‬ ‫ﺻ ـ ــﻮﺗﺎ و ذا ﺎﻧ ـ ــﺖ ﻣﺪرﻛ ـ ــﺔ ـ ــﺎﻟﻠﻤﺲ ﻓ ﺠ ـ ــﺐ أن ﺗﻜ ـ ــﻮن ﺷ ـ ـ ﺌﺎ ﻣﻠﻤﻮﺳ ـ ــﺎ‪ ،‬أو‬ ‫ﺎﻟﻠﺴـ ــﺎن ﻓ ﺠـ ــﺐ أن ﺗﻜـ ــﻮن ﻃﻌﻤـ ــﺎ‪ .‬ﻟ ﻨ ـ ـ أﻋﺘﻘـ ــﺪ أن أﺣـ ــﺪا ﻟـ ــﻦ ﻘـ ــﺮ ـ ــﺄن‬ ‫اﻟﺠﻮﻫﺮ ﻟــﻮن أو ﺻــﻮت أو ﻣﻠﻤــﺲ أو ﻃﻌــﻢ‪ .‬و ﺎﻟﺘــﺎ ﺠــﺐ أن ﺗﻜــﻮن ﻓﻜــﺮة‬ ‫اﻟﺠ ـ ـ ــﻮﻫﺮ ﻣﺴ ـ ـ ــﺘﻘﺎة ﻣ ـ ـ ــﻦ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ـ ــﺎت اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ـ إذا ﺎﻧ ـ ـ ــﺖ ﻣﻮﺟ ـ ـ ــﻮدة ﻋ ـ ـ ـ‬ ‫اﻟﺤﻘ ﻘﺔ‪ .‬ﻟ ﻦ اﻧﻄ ﺎﻋﺎت اﻟﺘﻔﻜ ﺗﺨ ل إ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨــﺎ وﻣﺸــﺎﻋﺮﻧﺎ‪ ،‬وﻟـ ﺲ‬ ‫ﻷﺣﺪ ﻣﻨﻬــﺎ أن ﻘــﺪم ﻟﻨــﺎ ﺟــﻮﻫﺮا‪ .‬إﻧﻨــﺎ ﺎﻟﺘــﺎ ﻟـ ﺲ ﻟــﺪﻳﻨﺎ ﻓﻜــﺮة ﻋــﻦ اﻟﺠــﻮﻫﺮ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﻦ ﻣﺠﻤ ـ ـ ع ﺻ ـ ــﻔﺎت ﺟﺰﺋ ـ ــﺔ ‪ ..‬إن ﻓﻜ ـ ــﺮة اﻟﺠ ـ ــﻮﻫﺮ ﻤ ـ ــﺎ ﻓﻜ ـ ــﺮة‬ ‫اﻟﺤ ــﺎل‪ ،‬ﻟ ﺴـ ـﺖ ﺳ ــﻮى ﻣﺠﻤـ ـ ع ﻣ ــﻦ أﻓ ــﺎر ﺴـ ـ ﻄﺔ‪ ،‬ﻣﻮﺣ ــﺪة ﻋ ــﻦ ﻃ ــﻖ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: P. 14-15.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻟﻤﺨ ﻠ ـ ــﺔ‪ ،‬و ﻠﺤ ـ ــﻖ ﺑﻬ ـ ــﺎ اﺳ ـ ــﻢ ﺴ ـ ــﺘﻄﻴﻊ ﻋ ـ ــﻦ ﻃ ﻘ ـ ــﻪ اﺳ ـ ــﺘﺪﻋﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺳ ـ ــﻮاء‬ ‫ﻷﻧﻔﺴــﻨﺎ أو ﻟﻶﺧ ـ ﻦ«)‪ .(1‬ﻟ ـ ﺲ ﻫﻨــﺎك وﺟــﻮد ﺣﻘ ـ ﻟﻤــﺎ ﺴ ـ ــﺎﻟﺠﻮﻫﺮ‪.‬‬ ‫وﺳ ـ ـ ﺐ ﺣﻀـ ــﻮر ﻫـ ــﺬە اﻟﻔﻜـ ــﺮة أذﻫﺎﻧﻨـ ــﺎ ﻋـ ــﺎدة ﻋﻘﻠ ـ ــﺔ ﺟﻤـ ــﻊ ﺻـ ــﻔﺎت‬ ‫ﺟﺰﺋ ــﺔ وأﻓ ــﺎر ﺴـ ـ ﻄﺔ ﺗ ــﺮﺗ ﻂ ﻣﻌ ــﺎ ﻌﻼﻗ ــﺎت ﺗﺤ ــﺪﺛﻬﺎ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‪ ،‬و ﻄﻠ ــﻖ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﺳ ــﻤﺎ ﻋﺎﻣـ ــﺎ ﺑﻬ ــﺪف إﻣ ـ ــﺎن اﻟﺘﻮاﺻ ــﻞ ﻣ ــﻊ اﻵﺧـ ـ ﻦ و ﻓﻬ ــﺎﻣﻬﻢ ﻣـ ــﺎذا‬ ‫ﻧﻘﺼــﺪ‪ .‬و ﺎﻟﺘــﺎ ﻓــﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ﻟ ـ ﺲ ﺳــﻮى اﺳــﻢ ـ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣــﻦ اﻟﺼــﻔﺎت‬ ‫واﻷﻓ ــﺎر اﻟ ﺴ ـ ﻄﺔ‪ .‬وﻷن ﻫﻴــﻮم ﻗــﺪ ﻧﻈــﺮ إ اﻟﺠــﻮﻫﺮ ﻋ ـ أﻧــﻪ ﻣﺠــﺮد اﺳــﻢ‬ ‫ﻓ ـ ـ ـ ــﺈن ﻣﺬﻫ ـ ـ ـ ــﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ـ ـ ــﺔ ﺴـ ـ ـ ـ ـ ﻟﻬ ـ ـ ـ ــﺬا اﻟﺴـ ـ ـ ـ ـ ﺐ ﺎﻟﻤ ـ ـ ـ ــﺬﻫﺐ اﻹﺳـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫‪ .Nominalism‬وﺗﻌ ـ ــﺪ ﻧﻈ ﺘ ـ ــﻪ ﻫ ـ ــﺬە ﺣ ـ ــﻮل اﻟﺠ ـ ــﻮﻫﺮ ﻣ ـ ــﻦ أ ـ ـ اﻟﻨﻈ ـ ــﺎت‬ ‫اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻔ ﺔ ﺛﻮر ـ ــﺔ اﻟﻌ ـ ـ اﻟﺤ ـ ــﺪ ﺚ‪ ،‬وأﺛ ـ ــﺮت ﻋ ـ ـ ﻓﻼﺳ ـ ــﻔﺔ اﻟﺘﺤﻠ ـ ــﻞ‬ ‫واﻟﻮﺿﻌ ﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘ ﺔ ﻣــﻦ ﺟــﻮرج ﻣــﻮر وراﺳــﻞ إ ﻓﺘﺠ ﺸــﺘ وآﻳــﺮ‪ ،‬اﻟــﺬﻳﻦ‬ ‫اﺧ ﻟﻮا اﻟ ﺤﺚ اﻟﻔﻠﺴ إ ﺤﺚ ﻟﻐﻮى ﻣﻌ ودﻻﻟﺔ اﻟ ﻠﻤﺎت‪.‬‬ ‫‪ ‐ 5‬اﻟﺴ ـﺒ ﺔ‪:‬‬ ‫ﺬﻫﺐ ﻫﻴﻮم إ أن ﻣﺎ ﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺪرك أن ﺷ ﺌﺎ ﻣﺎ ﺳ ﺐ ﻟ آﺧــﺮ ﻫــﻮ‬ ‫ﻗ ــﺪرة اﻟ ــﺬﻫﻦ ﻋ ـ اﻟ ـ ﻂ ﺑ ﻨﻬﻤ ــﺎ وﻣﻼﺣﻈ ــﺔ أن اﻷول ﺳ ـ ﺐ أو ﻣ ــﺆﺛﺮ واﻟﺜ ــﺎ‬ ‫ﻣﺴـ ـ ﺐ أو أﺛ ــﺮ‪ .‬اﺳ ــﺘﺨﺪام اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ اﻟﺘﻔﻜـ ـ إذن ﻫ ــﻮ ﻋ ــﺎدة ذﻫﻨ ــﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ‬ ‫ﻳ ﺤﺚ ﻫﻴﻮم ﻋﻦ أﺳﺎس اﻟﺴـ ﺒ ﺔ وﻫـﻞ ﻫــﻮ ﻣﻔﻬــﻮم اﻟ ـورة أم ﻻ‪ .‬اﻟﺤﻘ ﻘــﺔ‬ ‫أن ﻞ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﺴﺎ ﻘ ﻗﺪ أﺳﺴــﻮا اﻟﺴـ ﺒ ﺔ ﻋـ اﻟ ـورة‪ ،‬ﺣ ــﺚ اﻋﺘﻘــﺪوا‬ ‫أن ﻫــﺬا اﻟﻤﻔﻬــﻮم ﻗــﺎﺋﻢ ﻋ ـ ﻣــﺎ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ ﻣــﻦ ورة وﻛــﺬﻟﻚ ﻋ ـ اﻟﻘــﻮاﻧ‬ ‫اﻟﻤﻨﻄﻘ ــﺔ واﻟﻄ ــﺎﺑﻊ اﻟﻤ ــﻨﻄ ﻟﻠﺘﻔﻜ ـ ‪ .‬ﻻ ﻳﻨﻜ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم ﻫ ــﺬە اﻟﻮﺟﻬ ــﺔ اﻟﻨﻈ ــﺮ‪،‬‬ ‫و ــﺬﻫﺐ إ أن اﻟﺴـ ﺒ ﺔ ﻟ ﺴــﺖ إﻻ اﻧﺘﻈﺎﻣــﺎ ﻣﻌﻴﻨــﺎ ﻟ ﺴﻠﺴــﻞ ﻣــﺎ ‪regularity of‬‬ ‫‪ ،(2)sequence‬وﻋـ ـ ﻫ ــﺬا اﻷﺳ ــﺎس ﻓ ــﻼ ﻤﻜﻨﻨ ــﺎ ﺗﻘـ ـﺪ ﻢ ﺗ ــﺮ ﻋﻘـ ـ ﻟﺴـ ـ ﺐ‬ ‫ﺎﻋﺘ ــﺎرە ﻗ ــﺎدرا ﻋـ ـ إﺣ ــﺪاث ﻧ ﺠ ــﺔ ﻣ ــﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ ــﺬﻟﻚ ﺳ ــﻮف ﺗﻜ ــﻮن‬ ‫ﻣﺠﺮد ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻷﺣﺪاث‪ ،‬وﻟ ﺲ ﻫﺬا اﻟﺘﺘﺎﺑﻊ أي ورة ﻃﺒ ﻌ ــﺔ أو ﻣﻨﻄﻘ ــﺔ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪23‬‬ ‫‪Ibid: PP. 15-16.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Smith, op. cit, P. 121.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫و ﻞ ﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪە اﻟﺨ ة ﻫــﻮ ارﺗ ــﺎط ﺳـ ﺐ ﺑ ﺘ ﺠــﺔ اﻟﻤــﺎ ‪ ،‬أﻣــﺎ اﻻﻧﺘﻘــﺎل إ‬ ‫ﺣﺘﻤ ــﺔ ﻫ ــﺬا اﻻرﺗ ــﺎط اﻟﻤﺴ ــﺘﻘ ﻞ ﻓ ــﻼ ﻤﻜ ــﻦ ﺗ ــﺮە‪ .‬ﺑﻨ ـ ًـﺎء ﻋـ ـ أﺣ ــﺪاث‬ ‫اﻟﻤ ــﺎ ﻻ ﻤﻜ ــﻦ اﻟﺘ ﺒ ــﺆ ﺄﺣ ــﺪاث اﻟﻤﺴ ــﺘﻘ ﻞ وﻣ ــﺎ ــﺎن ﻣﻨﺘﻈﻤ ــﺎ اﻟﻤ ــﺎ‬ ‫ﻤﻜ ــﻦ أﻻ ﻜ ــﻮن ﻣﻨﺘﻈﻤ ــﺎ اﻟﻤﺴ ــﺘﻘ ﻞ دون اﻟﻮﻗ ـ ع أﻳ ــﻦ ﺗﻨ ــﺎﻗﺾ ﻋﻘ ـ ‪.‬‬ ‫ﻘ ــﻮل ﻫﻴ ــﻮم ذﻟ ــﻚ‪» :‬إذا ﻃ ـﺮأ أي ﺷ ــﻚ ﺣ ــﻮل إﻣ ــﺎن ﺗﻐ ـ ﻧﻈ ــﺎم اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﻤﻜــﻦ أﻻ ﻜــﻮن ﻗﺎﻋــﺪة ﻟﻠﻤﺴــﺘﻘ ﻞ‪ ،‬ﻓﺴــﻮف ﺗﺼــﺒﺢ ــﻞ اﻟﺨ ـ ة‬ ‫وأن اﻟﻤــﺎ‬ ‫ــﺪون ﻓﺎﺋــﺪة‪ ،‬وﻟــﻦ ﺗــﺆدي ــﺬﻟﻚ إ أي اﺳــﺘﺪﻻل أو ﻧ ﺠــﺔ‪ .‬ﻣــﻦ اﻟﻤﺴــﺘﺤ ﻞ‬ ‫أذن أن ﺗﻜــﻮن أي ﺣﺠــﺔ ﻣــﻦ اﻟﺨـ ة ﻗــﺎدرة ﻋـ ذﻟــﻚ اﻟﺘﻀــﺎﻣﻦ ﺑـ اﻟﻤــﺎ‬ ‫واﻟﻤﺴﺘﻘ ﻞ‪ ،‬ﻤﺎ أن ﻫﺬە اﻟﺤﺠﺞ ﻣﻘﺎﻣــﺔ ﻋـ أﺳــﺎس ﻫــﺬا اﻟﺘﻄــﺎﺑﻖ«)‪ .(1‬و ذا‬ ‫ورة اﻟﺴ ﺒ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﺬا‬ ‫ﻟﻢ ﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪ ﻢ ﺣﺠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨ ة ﻋ‬ ‫ﻔ ـ ﻋـ أﻧﻬــﺎ ﻧ ﺠــﺔ اﺳــﺘﻌﺪاد ﻣــﺎ اﻟﻌﻘــﻞ اﻟ ـي‪ ،‬وﻫــﺬا اﻻﺳــﺘﻌﺪاد ﻫــﻮ‬ ‫اﻟﻌ ـ ــﺮف واﻟﻌ ـ ــﺎدة ‪» :habit‬ﻃﺎﻟﻤ ـ ــﺎ أﻧ ـ ــﺘﺞ ـ ــﻞ ﺗﻜ ـ ـﺮار ﻟﻔﻌ ـ ــﻞ أو ﻋﻤﻠ ـ ــﺔ ﻧﻔ ـ ــﺲ‬ ‫اﻟﻨ ﺠـ ــﺔ‪ ،‬دون ﺗـ ــﺪﺧﻞ ﻣـ ــﻦ اﺳـ ــﺘﺪﻻل أو ﻋﻤﻠ ـ ــﺔ ﺗﺨ ﻠ ـ ــﺔ ﻘـ ــﻮم ﺑﻬـ ــﺎ اﻟﻔﻬـ ــﻢ‪،‬‬ ‫ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻘﻮل أن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻫﻮ أﺛﺮ ﻟﻠﻌﺎدة‪ .‬و ﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻨﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺼــﻄﻠﺢ ﻻ‬ ‫ﻧﻬـ ــﺪف ﺗﻘـ ــﺪ ﻢ ﺳ ـ ـ ﺐ ﻧﻬـ ــﺎ ﻟﻬـ ــﺬا اﻟﺘﻮﺟـ ــﻪ‪ .‬ﻧﺤـ ــﻦ ﻓﻘـ ــﻂ ﺸ ـ ـ إ ﻣ ـ ــﺪأ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌـ ــﺔ اﻹ ﺴـ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ﻣﺘﻌـ ــﺎرف ﻋﻠ ـ ــﻪ ﻋﻤﻮﻣـ ــﺎ‪ ،‬وﻣﻌـ ــﺮوف ﺟ ـ ــﺪا ﻋـ ــﻦ ﻃ ـ ــﻖ‬ ‫آﺛﺎرە«)‪ .(2‬و ــﻬﺬە اﻟﻄ ﻘﺔ ﻓﺈن اﻟﻌﺎدة اﻟ ﺗﻤﻜﻨﻨــﺎ ﻣــﻦ اﻟﺘ ﺒــﺆ ﺎﻟﻤﺴــﺘﻘ ﻞ‬ ‫ﺑﻨ ــﺎء ﻋ ـ اﻟﻤ ــﺎ ‪ ،‬و ﺎﻟﺘ ــﺎ ﺴ ــﺘﻄﻴﻊ ﺑﻬ ــﺎ اﻟﺤﺼ ــﻮل ﻋ ـ أﻫ ــﺪاﻓﻨﺎ‪ ،‬وﻧﺤ ــﺪث‬ ‫ا ﺴ ــﺠﺎﻣﺎ ﺑ ـ ﻧﻈ ــﺎم اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ وﺗﺘ ــﺎﺑﻊ أﻓ ﺎرﻧ ــﺎ‪ .‬أﻣ ــﺎ اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد وﺟ ــﻮد أﺳ ـ ﺎب‬ ‫ﻧﻬﺎﺋ ــﺔ أو ﻋﻠ ــﻞ أو ﻤ ــﺎ ﻌﺘﻘ ــﺪ أﺻ ــﺤﺎب اﻟﻤ ــﺬاﻫﺐ اﻟﻤﻴﺘﺎﻓ ﻘ ــﺔ ﻓ ــﻼ ﻣ ـ ر‬ ‫ﻟ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ ﻣﺠ ـ ــﺮد وﻫ ـ ــﻢ وﺧﺮاﻓ ـ ــﺔ«)‪ .(3‬وﻟ ـ ـ ﺲ ﻫﻨ ـ ــﺎك وﺟ ـ ــﻮد ﻷي ورة‬ ‫ﻣﻔﻬ ــﻮم اﻟﺴ ـ ﺒ ﺔ اﻟ ــﺬي ﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋ ـ اﻟﻌ ــﺎدة‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷن اﻟﻤﺴ ــﺘﻘ ﻞ ﻤﻜ ــﻦ أﻻ‬ ‫ﻜـ ــﻮن ﻋ ـ ـ ﺷـ ــﺎ ﻠﺔ اﻟﻤـ ــﺎ ‪ .‬و ـ ــﻞ ﻣـ ــﺎ ﺴـ ــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺆﻛـ ــﺪە ﺑﻨـ ــﺎء ﻋ ـ ـ ﻫـ ــﺬا‬ ‫ﻤﻜــﻦ‬ ‫اﻟﻤﻔﻬــﻮم ﻟﻠﺴـ ﺒ ﺔ ﻫــﻮ أن اﻻﻧﺘﻈــﺎم اﻟــﺬي ا ﺸــﻔﺘﻪ اﻟﺨـ ة اﻟﻤــﺎ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Hume: Enquiry concerning Human Understanding, PP. 37-38.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Ibid: P. 43.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫‪Ibid: P. 55.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫‪24‬‬ ‫أن ﺤ ـ ــﺪث و ﻤﻜ ـ ــﻦ أﻻ ﺤ ـ ــﺪث اﻟﻤﺴ ـ ــﺘﻘ ﻞ‪ ،‬ﻤﻌـ ـ ـ أن ﻫ ـ ــﺬا اﻻﻧﺘﻈ ـ ــﺎم‪،‬‬ ‫وذﻟ ـ ـ ــﻚ اﻻﺗﻔ ـ ـ ــﺎق ﺑ ـ ـ ـ اﻟﻤ ـ ـ ــﺎ واﻟﻤﺴ ـ ـ ــﺘﻘ ﻞ ـ ـ ــﺪﺧﻞ ﻣﺠ ـ ـ ــﺎل اﻻﺣﺘﻤ ـ ـ ــﺎل‬ ‫‪ probability‬وﻟـ ـ ـ ﺲ ﻟ ـ ــﻪ أي ﻋﻼﻗ ـ ــﺔ ﺎﻟ ـ ـ ـورة‪ .‬واﻻﺣﺘﻤ ـ ــﺎل ﻫ ـ ــﻮ اﻟﻤﻔﻬ ـ ــﻮم‬ ‫اﻟﻮﺣ ــﺪ اﻟ ــﺬي ﻤﻜ ــﻦ اﻟﺘﻮﺻ ــﻞ إﻟ ــﻪ ﻣ ــﻦ اﻟﺨ ـ ة اﻟﺴ ــﺎ ﻘﺔ ﺑﻨ ــﺎء ﻋ ـ اﺳ ــﺘﺪﻻل‬ ‫ﻋﻘـ ـ ـ )‪ .(1‬وﻻ ﻤﻜ ـ ــﻦ اﻟﺘﻮﺻ ـ ــﻞ إ أي ورة ﺎﺳ ـ ــﺘﺪﻻل ﻋﻘـ ـ ـ ‪ ،‬ﻷن ﻫ ـ ــﺬا‬ ‫اﻻﺳــﺘﺪﻻل ﻟـ ﺲ ﺳــﻮى اﻻﻋﺘﻘــﺎد أن اﻟﻤﺴــﺘﻘ ﻞ ﺳــﻮف ﻜــﻮن ﻋـ ﺷــﺎ ﻠﺔ‬ ‫اﻟﻤـ ـ ــﺎ ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ــﺘﺪﻻل إذن ﻗ ـ ـ ــﺎﺋﻢ ﻋ ـ ـ ـ اﻋﺘﻘـ ـ ــﺎد وﺗﻮﻗـ ـ ــﻊ ﻻ ﻋ ـ ـ ـ أي ورة‬ ‫ﻣﻨﻄﻘ ﺔ أو ﺣﺘﻤ ﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‐ 6‬اﻻﻋﺘﻘ ـﺎد‪:‬‬ ‫ﻳ ﺴــﺎءل ﻫﻴــﻮم ﻋــﻦ أﺻــﻞ اﻋﺘﻘﺎدﻧــﺎ وﺟــﻮد ﻣﻮﺿــﻮﻋﺎت اﻟﻌــﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻣــﺎ‬ ‫إذا ــﺎن ﻣﺆﺳﺴــﺎ ﻋ ـ اﻟﺤــﺲ أو ﻋ ـ اﻟﻌﻘــﻞ‪ .‬و ﻘﻄــﻊ ﻫﻴــﻮم ــﺄن اﻻﻋﺘﻘــﺎد‬ ‫اﻟﻮﺟ ــﻮد اﻟﻤﺴ ــﺘﻘﻞ ﻟﻠﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت ﻋ ــﻦ اﻟﻌﻘ ــﻞ اﻹ ﺴ ــﺎ واﺳ ــﺘﻤﺮارﻫﺎ ﻫ ــﺬا‬ ‫اﻟﻮﺟ ــﻮد ﻻ ﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋـ ـ اﻟﺤ ــﺲ أو اﻟﻌﻘ ــﻞ أو ﺣـ ـ اﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ‪ .‬ﻓ ــﺎﻟﺤﻮاس ﻏـ ـ‬ ‫ﻗ ـ ــﺎدرة ﻋـ ـ ـ ﺗﺄ ـ ــﺪ اﻟﻮﺟ ـ ــﻮد اﻟﻤﺴ ـ ــﺘﻤﺮ ﻟﻠﻤﻮﺿ ـ ــﻮﻋﺎت ﺣﺎﻟ ـ ــﺔ ﻏ ﺎﺑﻬ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ‬ ‫أﻋﻀ ـ ـ ـ ــﺎء اﻟﺤ ـ ـ ـ ــﺲ)‪ .(2‬ﻓ ـ ـ ـ ــﺈذا ذﻫﺒﻨـ ـ ـ ـ ــﺎ إ أن اﻟﺤ ـ ـ ـ ــﻮاس ﻗ ـ ـ ـ ــﺎدرة ﻋـ ـ ـ ـ ـ إدراك‬ ‫اﻟﻤﻮﺿــﻮﻋﺎت ﻌــﺪ أن ﺗﺨــﺘ ﻓ ﺄﻧﻨ ـﺎ ــﺬﻟﻚ ﻧﻘــﻮل أﻧﻬــﺎ ﺗﻌﻤــﻞ ﻏ ــﺎب ﻫــﺬە‬ ‫اﻟﻤﻮﺿـ ـ ـ ــﻮﻋﺎت‪ ،‬وﻫـ ـ ـ ــﺬا ﻏ ـ ـ ـ ـ ﺻـ ـ ـ ــﺤﻴﺢ‪ .‬و ذا ـ ـ ـ ــﺎن ﻟﻠﺤـ ـ ـ ــﻮاس دور إدراك‬ ‫اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت‪ ،‬ﻓ ــﺈن ﻫ ــﺬا اﻟ ــﺪور ﻳﺘﻤﺜ ــﻞ إدرا ﻬ ــﺎ ﻟﻼﺧ ــﺘﻼف واﻟﺘﻤ ــﺎﻳﺰ ﺑـ ـ‬ ‫ﻫﺬە اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت‪ ،‬ﻻ إدرا ﻬﺎ ﻻﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ اﻟﻮﺟﻮد‪ .‬ﻓ ﻞ اﻧﻄ ــﺎع ﻟﻠﺤــﻮاس‬ ‫ﻫ ــﻮ إدراك ﻟ ـ ـ واﺣ ــﺪ ﺴـ ـ ﻂ ﻟـ ـ ﺲ ﻓ ــﻪ أي اﺳ ــﺘﻤﺮار‪ .‬و ذا ﺎﻧ ــﺖ اﻟﺤ ــﻮاس‬ ‫آﺧﺮ ﻏ ﻫﺎ وﻫــﻮ اﻟــﻨﻔﺲ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬إﻻ‬ ‫ﻗﺎدرة ﻋ إدراك اﻷﺷ ﺎء و دراك‬ ‫أﻧﻬ ـ ــﺎ ﻟ ﺴ ـ ــﺖ ﻗ ـ ــﺎدرة ﻋ ـ ـ اﻟﺘﻤﻴ ـ ـ ﺑ ﻨﻬﻤ ـ ــﺎ‪ ،‬ذﻟ ـ ــﻚ ﻷن اﻟﺤ ـ ــﻮاس ﻻ ﺗ ـ ــﺪرك إﻻ‬ ‫ﻣــﺎدي آﺧــﺮ ﻫــﺬا‬ ‫اﻟﺠﺴــﺪ اﻹ ﺴــﺎ ﺎﻋﺘ ــﺎرە ﺷ ـ ﺌﺎ ﻣﺎد ــﺎ ﻣﺜﻠــﻪ ﻣﺜــﻞ أي‬ ‫اﻟﻌ ـ ـ ــﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻟ ﻨﻬ ـ ـ ــﺎ ﻻ ﺴ ـ ـ ــﺘﻄﻴﻊ أن ﺗ ـ ـ ــﺪرك اﻟ ـ ـ ــﻨﻔﺲ وﻻ أن ﺗﻤ ـ ـ ـ ﺑ ـ ـ ـ اﻟ ـ ـ ــﻨﻔﺲ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Smith, op. cit, P. 122.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Hume, A treatise of Human Nature, P. 189.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫‪25‬‬ ‫واﻟﺠﺴ ــﺪ)‪ .(1‬و ــﺄ ﻫﻴ ــﻮم ﻋـ ـ اﻻﺣﺘﻤ ــﺎل اﻵﺧ ــﺮ ﻫ ــﻮ أن اﻟﻌﻘ ــﻞ ﻫ ــﻮ ﻣﺼ ــﺪر‬ ‫اﻟ ــﻮ ﺑﻮﺟ ــﻮد اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت واﺳ ــﺘﻤﺮارﻫﺎ‪ ،‬و ــﺬﻫﺐ إ أن ﻫ ــﺬە اﻟﺤﺠ ــﺔ‬ ‫ﺣﺠ ـ ــﺔ اﻟﻔﻼﺳ ـ ــﻔﺔ وﺣ ـ ــﺪﻫﻢ‪ ،‬ﺣ ـ ـ أن ﺎﻓ ـ ــﺔ اﻟﻨ ـ ــﺎس ﻌﺘﻘ ـ ــﺪون وﺟ ـ ــﻮد‬ ‫واﺳ ــﺘﻤﺮار اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت دون ﻣﻌ ــﺮﻓﺘﻬﻢ ــﺎﻟﺤﺠﺞ اﻟﻌﻘﻠ ــﺔ اﻟـ ـ ﺴ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ‬ ‫اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ‪ ،‬و ﺎﻟﺘﺎ ﺴـ ﻌﺪ ﻫﻴــﻮم اﺣﺘﻤــﺎل أن ﻜــﻮن اﻟﻌﻘــﻞ ﻫــﻮ ﻣﺼــﺪر ﻫــﺬا‬ ‫اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد‪ .‬أﻣ ــﺎ اﻟ ــﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ﻓﻴﻨﻜ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم أ ﻀ ــﺎ اﺣﺘﻤ ــﺎل ﻛﻮﻧﻬﻤ ــﺎ ﻣﺼ ــﺪر‬ ‫اﻻﻋﺘﻘ ـ ــﺎد وﺟ ـ ــﻮد اﻟﻤﻮﺿ ـ ــﻮﻋﺎت ﻷن اﻟ ـ ــﺬا ﺮة ﺗﺤ ـ ــﺘﻔﻆ ﻤ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻮ داﺋ ـ ــﻢ‬ ‫اﻟﺨ ة‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺨ ﻠﺔ ﺗﺘﻌﺮف ﻋ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت وﻋ ﺛ ﺎﺗﻬﺎ واﺳــﺘﻤﺮارﻫﺎ‬ ‫ﺑﻨ ـ ــﺎء ﻋـ ـ ـ اﻋﺘﻘ ـ ــﺎد ﻣﺴ ـ ــﺒﻖ أﻧﻬ ـ ــﺎ ﻣﺴـ ـ ـﺘﻤﺪة اﻟﻮﺟ ـ ــﻮد‪ .‬وﻣﻌـ ـ ـ ﻫ ـ ــﺬا أن‬ ‫اﻻﻋﺘﻘ ـ ـ ــﺎد وﺟ ـ ـ ــﻮد اﻟﻤﻮﺿ ـ ـ ــﻮﻋﺎت واﺳ ـ ـ ــﺘﻤﺮارﻫﺎ ﺴ ـ ـ ــﺒﻖ ﺗﻌ ـ ـ ــﺮف اﻟ ـ ـ ــﺬا ﺮة‬ ‫واﻟﻤﺨ ﻠ ــﺔ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﻟﺨ ـ ة‪ .‬وﻻ ﻳ ـ أﻣ ــﺎم ﻫﻴ ــﻮم ﺳ ــﻮى اﻟﻘ ــﻮل ــﺄن ﻣﺼ ــﺪر‬ ‫اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد وﺟ ــﻮد واﺳ ــﺘﻤﺮار اﻟﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت ﻟ ـ ﺲ ﺳ ــﻮى اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد اﻟﻄﺒ ـ‬ ‫‪ ،Natural Belief‬و ﻌ ـ ــﻪ ﻧﺰوﻋ ــﺎ أو ﺗﻮﺟﻬ ــﺎ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻤ ــﻦ‬ ‫ﻣﺴـ ـ ـ ــﺘﻮى اﻟـ ـ ـ ــﻮ اﻟﻌـ ـ ـ ــﺎدي واﻟ ﺴ ـ ـ ـ ـ ﻂ اﻻﻋﺘﻘـ ـ ـ ــﺎد وﺟـ ـ ـ ــﻮد واﺳـ ـ ـ ــﺘﻤﺮار‬ ‫اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت‪ ،‬وﻣﺎ اﻟﺤﻮاس اﻟـ ﺗﻮﻫﻤﻨــﺎ ﺑﻬــﺬا اﻟﻮﺟــﻮد‪ ،‬أو اﻟــﺬا ﺮة واﻟﻤﺨ ﻠــﺔ‬ ‫اﻟ ـ ﺴ ــﺘﺨﺪم ﻫ ــﺬا اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد وﺗﻄ ﻘ ــﻪ ﻣﺠ ــﺎل اﻟﺨ ـ ة ﺳ ــﻮى أدوات ــﺪ‬ ‫ﻫــﺬا اﻻﻋﺘﻘــﺎد اﻟﻄﺒـ ‪ .‬ﻫــﺬا اﻻﻋﺘﻘــﺎد اﻟﻄﺒـ ﻣــﺮﺗ ﻂ ــﺎﻟ وع اﻹ ﺴــﺎ وﻣــﺎ‬ ‫ﻟﺪ ـ ــﻪ ﻣ ـ ــﻦ ﺗﻮﺟﻬ ـ ــﺎت وأﻫ ـ ــﺪاف وﻏﺎ ـ ــﺎت‪ ،‬أي ﻣ ـ ــﺮﺗ ﻂ ﺎﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻹﻧﻔﻌﺎﻟ ـ ــﺔ‬ ‫ﻟﻠﻨﻔﺲ اﻟ ﺔ ﻻ ﺄي ﻃﺒ ﻌﺔ ﻋﻘﻼﻧ ﺔ أو ﻣﻨﻄﻘ ﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‐ 7‬اﻻﺣﺘﻤ ـﺎل‪:‬‬ ‫اﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﻋﻨــﺪ ﻫﻴــﻮم إﻗﺎﻣــﺔ ﻋﻼﻗــﺔ ﺑ ـ اﻷﻓ ــﺎر‪ ،‬ﺳــﻮاء ﺎﻧــﺖ ﻫــﺬە‬ ‫اﻷﻓ ــﺎر ﺗﺮﺟــﻊ ﻣ ــﺎ ة إ اﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻟﺤــﻮاس أو ﺎﻧــﺖ ﺗﺮﺟــﻊ إ اﻧﻄ ﺎﻋــﺎت‬ ‫اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ‪ .‬وﻣﻌ ـ ـ ﻫـ ــﺬا أن اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ ﺗﻀـ ــﻢ اﻟﻤﻀ ـ ــﻤﻮن اﻟﻤـ ــﺎدي اﻟ ـ ــﺬي ﺗﻤﺜﻠ ـ ــﻪ‬ ‫اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت اﻟﺤ ـ ــﻮاس واﻟﺸـ ـ ـ ﻞ اﻟﻨﻈ ـ ــﺮي اﻟﻤﺠ ـ ــﺮد اﻟ ـ ــﺬي ﺗﻤﺜﻠ ـ ــﻪ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت‬ ‫اﻟﺘﻔﻜ ـ ـ ‪ .‬و ـ ــﺬﻫﺐ ﻫﻴ ـ ــﻮم إ أن ـ ــﻞ اﻟﻌﻼﻗ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ﻤﻜ ـ ــﻦ أن ﺗﻈﻬ ـ ــﺮ ﺑ ـ ـ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: P. 191.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻷﻓ ــﺎر ﺗﺘﻤﺜ ــﻞ ﺳ ـ ﻌﺔ‪ :‬اﻟﺘﻄ ــﺎﺑﻖ واﻟﻬ ــﺔ واﻟﻌﻼﻗ ــﺎت اﻟﺰﻣﺎﻧ ــﺔ واﻟﻤ ﺎﻧ ــﺔ‪،‬‬ ‫واﻟ ــﻢ أو اﻟﻌــﺪد‪ ،‬ودرﺟــﺎت اﻟ ــﻒ‪ ،‬واﻟﺘﻨــﺎﻓﺮ‪ ،‬واﻟﺴـ ﺒ ﺔ‪ .‬و ﻘﺴــﻢ ﻫﻴــﻮم ﻫــﺬە‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺎت إ ﻧﻮﻋ ‪ :‬اﻷول ﻌﺘﻤﺪ ﺣ ﺎ ﻋـ اﻷﻓ ــﺎر اﻟـ ﺗﻘﺎرﻧﻬــﺎ ﺑ ﻌﻀــﻬﺎ‬ ‫اﻟـ ـ ﻌﺾ‪ ،‬وذﻟ ــﻚ ﻣﺜ ــﻞ اﻟﺘﻄ ــﺎﺑﻖ اﻟﺘﻨ ــﺎﻓﺮ ودرﺟ ــﺎت اﻟ ــﻒ وأﻋ ــﺪاد اﻟ ــﻢ‪ .‬أﻣ ــﺎ‬ ‫ﻣ ـ ــﻦ اﻻﺳ ـ ــﺘﺪﻻل ﻣﺜ ـ ــﻞ اﻟﻬ ـ ــﺔ واﻟﻌﻼﻗ ـ ــﺎت‬ ‫اﻟﻨ ـ ـ ع اﻟﺜ ـ ــﺎ ﻓ ﻌﺘﻤ ـ ــﺪ ﻋ ـ ـ‬ ‫اﻟﺰﻣﺎﻧ ــﺔ واﻟﻤ ﺎﻧ ــﺔ واﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ‪ .‬ﻓﻌـ ـ ﺳـ ـ ﻞ اﻟﻤﺜ ــﺎل ﻓ ــﺈن اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ ﻻ ﺗﻌﺘﻤ ــﺪ‬ ‫ﻋ ـ إﻗﺎﻣــﺔ ﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﺑ ـ ﻓﻜــﺮة وأﺧــﺮى ــﻞ ﺗﻌﺘﻤــﺪ ﻋ ـ اﺳــﺘﺪﻻل ﻣــﻦ اﻟﺴ ـ ﺐ‬ ‫إ اﻟﻨ ﺠﺔ أو اﻟﻌﻜﺲ)‪.(1‬‬ ‫و ﻨﻈ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم إ اﻟﻬﻨﺪﺳ ــﺔ ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ اﻟﻔ ــﻦ اﻟ ــﺬي ﻧﻘ ــﻮم ﻓ ــﻪ ﺑ ﺜ ــﺖ‬ ‫اﻟﺘﻨﺎﺳ ـ ــﺐ ﺑ ـ ـ اﻷﺷ ـ ـ ﺎل‪ ،‬وﻋ ـ ـ اﻟ ـ ــﺮﻏﻢ ﻣ ـ ــﻦ أﻧﻬ ـ ــﺎ ﺗﻔ ـ ــﻮق أﺣ ـ ــﺎم اﻹﺣﺴ ـ ــﺎس‬ ‫واﻟﻤﺨ ﻠــﺔ درﺟــﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣ ــﺔ واﻟﺪﻗــﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬــﺎ ﻻ ﺗﺼــﻞ إ اﻟﻨﻬﺎ ــﺔ اﻟﻘﺼـﻮى‬ ‫ﻟﻠﺼ ـ ـ ـ ــﺪق‪ ،‬ذﻟ ـ ـ ـ ــﻚ ﻷن اﻟﻤ ـ ـ ـ ــﺎدئ اﻷو ﻟﻠﻬﻨﺪﺳـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺗﻌﺘﻤ ـ ـ ـ ــﺪ ﻋـ ـ ـ ـ ـ ﻇﻬ ـ ـ ـ ــﻮر‬ ‫اﻟﻤﻮﺿـ ــﻮﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣ ـ ـﺔ اﻟﺨ ـ ـ ة اﻟﺘﺠ ـ ــﺔ‪ ،‬و ﺎﻟﺘـ ــﺎ ﻓـ ــﺈن ﻧﺘﺎﺋﺠﻬـ ــﺎ ﻻ ﺗ ـ ـﺰال‬ ‫ﻣﺮﺗ ﻄ ــﺔ ﺑ ﻣ ﺎﻧ ــﺔ ﺗﺤﻘﻘﻬ ــﺎ ﻫ ــﺬە اﻟﺨ ـ ة اﻟﺘﺠ ــﺔ‪ .‬و ﻘﺼ ــﺪ ﻫﻴ ــﻮم ــﺬﻟﻚ‬ ‫أن اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻟ ﺴﺖ ﻘﻴ ﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﺎن ﻫــﺬا اﻟـﺮأي ﻏ ــﺎ ﻋ ـ ﻫﻴــﻮم‪،‬‬ ‫ﻟ ـ ــﻦ ﺛ ﺘـ ــﺖ ﺻـ ــﺤﺘﻪ ﺧﺎﺻـ ــﺔ أواﺧـ ــﺮ اﻟﻘـ ــﺮن اﻟﺘﺎﺳـ ــﻊ ﻋ ـ ـ وأواﺋـ ــﻞ اﻟﻘـ ــﺮن‬ ‫اﻟﻌ ـ ـ ﻦ ﻋﻨ ـ ــﺪﻣﺎ ﺗ ـ ــﻢ ا ﺸ ـ ــﺎف اﻟﻬﻨﺪﺳ ـ ــﺎت اﻟﻼإﻗﻠ ﺪ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺗﻌﺘﻤ ـ ــﺪ ﻋ ـ ـ‬ ‫ﻣﺴ ـ ــﻠﻤﺎت ﺧﺎﺻ ـ ــﺔ ﺎﻟﻤ ـ ــﺎن ﺗﺨﺘﻠ ـ ــﻒ ﻋ ـ ــﻦ ﻣﺴ ـ ــﻠﻤﺎت إﻗﻠ ـ ــﺪس‪ .‬اﻟﻬﻨﺪﺳ ـ ــﺔ‬ ‫اﻹﻗﻠ ﺪ ــﺔ ﻣﻘﺎﻣــﺔ ﻋـ أﺳــﺎس ﺗﺼـﻮر اﻟﻤ ــﺎن ﺎﻋﺘ ــﺎرە ﺳــﻄﺤﺎ ﻣﻤﺘــﺪا ذا أ ﻌــﺎد‬ ‫ﺛﻼﺛــﺔ‪ ،‬أﻣــﺎ اﻟﻬﻨﺪﺳــﺎت اﻟﻼإﻗﻠ ﺪ ــﺔ ﻓﺘﻌﺘﻤــﺪ ﻋ ـ ﺗﺼــﻮر ﻣﺨﺘﻠــﻒ ﻋــﻦ اﻟﻤ ــﺎن‬ ‫ﺎﻋﺘ ﺎرە ﻣﻨﺤﻨ ﺎ وﻛﺮو ﺎ‪ ،‬وﺛ ﺖ ﺬﻟﻚ أن اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻹﻗﻠ ﺪ ﺔ اﻟ ﺎن ﻌﺘﻘــﺪ‬ ‫ﻘﻴﻨﻬــﺎ اﻟﺘــﺎم ﻟ ﺴـﺖ إﻻ ﻧﻮﻋــﺎ ﻣــﻦ ﻫﻨﺪﺳــﺎت ﻋﺪ ــﺪة ﻣﻤﻜﻨــﺔ ﻠﻬــﺎ ﺻــﺤﻴﺢ‪،‬‬ ‫ﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋـ ـ‬ ‫ﻧﻔ ــﺲ اﻟﻮﻗ ــﺖ اﺣﺘﻤﺎﻟ ــﺔ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ ﻷن ــﻞ ﺴ ــﻖ ﻫﻨ ــﺪ‬ ‫و‬ ‫ﻣﺴ ــﻠﻤﺎت ﺧﺎﺻ ــﺔ ﻋ ــﻦ ﻃﺒ ﻌ ــﺔ اﻟﻤ ــﺎن‪ ،‬و ﺎﻟﺘ ــﺎ ﻧﺘ ــﺎﺋﺞ ــﻞ ﻫﻨﺪﺳ ــﺔ ﻘﻴ ــﺔ‬ ‫ﺎﻟ ﺴ ـ ﺔ ﻟﻤﺴــﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻘــﻂ ﻻ ﺎﻟ ﺴ ـ ﺔ ﻟﺘﺤﻘﻘﻬــﺎ اﻟﻮاﻗــﻊ‪ .‬و ــﺪو أن ﻫــﺬا ﻣــﺎ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: PP. 69-70.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ــﺎن ﻘﺼ ــﺪە ﻫﻴ ـﻮم ﻣ ــﻦ إدﺧ ــﺎل ﻓﻜ ــﺮة اﻻﺣﺘﻤ ــﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳ ــﺔ‪ .‬وﻋ ـ ﻋﻜ ــﺲ‬ ‫اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻓﺈن اﻟﺠ واﻟﺤﺴﺎب ﻳﺘﻤﺘﻌﺎن ﺎﻟ ﻘ اﻟﺘﺎم‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﺴـ ﺐ رﺋ ـ‬ ‫وﻫــﻮ ﻋــﺪم اﻋﺘﻤﺎدﻫﻤــﺎ ﻋ ـ اﻟﻈــﻮاﻫﺮ أو اﻟﺨ ـ ة اﻟﺘﺠ ــﺔ ــﻞ ﻋ ـ اﺳــﺘﺪﻻل‬ ‫ﻋﻘ ﺧﺎﻟﺺ ﺑﻨﺎء ﻋ أﻓ ﺎرﻧــﺎ ﻋــﻦ اﻟﻌــﺪد)‪ .(1‬ﻻ ﻳﺘﻀــﻤﻦ اﻟﺠـ واﻟﺤﺴــﺎب ﻣــﺎ‬ ‫إذا ﺎﻧ ــﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬ ــﺎ ﺻ ــﺤ ﺤﺔ ﺎﻟ ﺴ ـ ﺔ ﻟﻠﻮاﻗ ــﻊ‪ ،‬إذ ﻟ ـ ﺲ ﻟﻬﻤ ــﺎ ﻋﻼﻗ ــﺔ ــﺎﻟﺨ ة‬ ‫اﻟﺘﺠ ــﺔ‪ ،‬واﻟﻌﻼﻗــﺔ اﻟﻮﺣ ــﺪة اﻟـ ﻘ ﻤﺎﻧﻬــﺎ ﻣــﻊ اﻟﻌــﺪد وﺣــﺪە اﻟــﺬي ﻫــﻮ‬ ‫ﻓﻜ ــﺮة ﻣﺠ ــﺮدة‪ .‬وﻣ ــﻦ ﻓﻜ ــﺮة ﻣﺠ ــﺮدة ﻤﻜ ــﻦ اﻟﻮﺻ ــﻮل ﻋ ــﻦ ﻃ ــﻖ اﻻﺳ ــﺘﺪﻻل‬ ‫اﻟﻌﻘ ـ إ ﻧﺘ ــﺎﺋﺞ ﺣﺘﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ــﺬە اﻟﺤﺘﻤ ــﺔ ﻟ ـ ﺲ ﻣﺼ ــﺪرﻫﺎ ﺣﺘﻤ ــﺔ اﻟﺘﻄ ــﺎﺑﻖ‬ ‫ﻣــﻊ اﻟﻮاﻗــﻊ ــﻞ ﺣﺘﻤ ـﺔ اﻟﺘﻄــﺎﺑﻖ ﻣــﻊ اﻟﻔﻜــﺮة اﻟﻤﺠــﺮدة ﻋــﻦ ﻃ ــﻖ اﻻﺳ ــﺘﺪﻻل‬ ‫اﻟﻌﻘ ‪.‬‬ ‫و ﺤ ـ ــﺚ ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻃﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻟﻔﻜ ـ ــﺮة واﻻﻋﺘﻘ ـ ــﺎد‪ ،‬و ـ ــﺬﻫﺐ إ أن ـ ــﻞ‬ ‫اﻋﺘﻘ ــﺎد ﻫ ــﻮ اﻋﺘﻘ ــﺎد ﻓﻜ ــﺮة‪ .‬وﻷﻧ ــﻪ ﻤ ـ ﺑ ـ اﻟﻔﻜ ــﺮة ﻋ ـ ﻣﺴ ــﺘﻮى اﻟﺤ ــﺲ‬ ‫واﻟﻔﻜﺮة ﻋ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻤ ﺑ اﻻﻋﺘﻘــﺎد ﻓﻜــﺮة ﺣﺴـ ﺔ‬ ‫واﻻﻋﺘﻘـ ــﺎد ﻓﻜـ ــﺮة ﻋﻘﻠ ـ ــﺔ‪ .‬واﻻﻋﺘﻘـ ــﺎد ﻓﻜـ ــﺮة ﺣﺴ ـ ـ ﺔ ﻌﺘﻤـ ــﺪ ﻋ ـ ـ ﺗﻠ ـ ـ‬ ‫اﻧﻄ ﺎﻋــﺎت ﺣﺴ ـ ﺔ ﻋﻨﻬــﺎ وﻟــﺬﻟﻚ ﻓﻬــﻮ ﻘﻴ ـ ‪ ،‬أﻣــﺎ اﻻﻋﺘﻘــﺎد ﻓﻜــﺮة ﻋﻘﻠ ــﺔ ﻻ‬ ‫ﻳﺘﻤﺘ ــﻊ ــﺎﻟ ﻘ اﻟﻤﻄﻠ ــﻖ ــﻞ ﻤﺠ ــﺮد اﻻﺣﺘﻤ ــﺎل‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﻜ ــﺮة اﻟﻌﻘﻠ ــﺔ ﻣﺠ ــﺮد‬ ‫ﺻ ــﻮرة ذﻫﻨ ــﺔ ﻋ ــﻦ اﻻﻧﻄ ــﺎع اﻟﺤ ـ‪ ،‬أو ﻣﻼﺣﻈ ــﺔ ﻣ ــﺎ ﺤ ــﺪث اﻟﻌﻘ ــﻞ‬ ‫ﻣﻦ أﻓﻌﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت‪.‬‬ ‫واﻻﺣﺘﻤ ــﺎل ﻋﻨ ــﺪ ﻫﻴ ــﻮم ﻫ ــﻮ اﻻﺳ ــﺘﺪﻻل ﻣ ــﻦ اﻓ اﺿ ــﺎت‪ ،‬و ﻨﻘﺴ ــﻢ إ‬ ‫ﻧﻮﻋ ‪ ،‬ﻧـ ع ﻳﺆﺳــﺲ ﻋـ اﻟﺼــﺪﻓﺔ وﻧـ ع ﻳ ﺸــﺄ ﻋــﻦ اﻷﺳـ ﺎب‪ .‬ﻓ ــﻞ اﺳــﺘﺪﻻل‬ ‫ﺎﻟﺼــﺪﻓﺔ ﻳﺘﺼــﻒ ﺄﻧــﻪ اﺣﺘﻤــﺎ واﻻﺳــﺘﺪﻻل اﻟﻤﺆﺳــﺲ‬ ‫ﻳﺒـ ﻋـ وﺟــﻮد‬ ‫ﻋ اﻷﺳ ﺎب أ ﻀﺎ اﺣﺘﻤﺎ ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻔ ض أن اﻟﺤﺎﻻت اﻟ ﺗ ﺖ ﻓﻴﻬــﺎ ﺻـﻠﺔ‬ ‫ﺑـ ـ ﺳـ ـ ﺐ وﻧ ﺠ ــﺔ ﺳ ــﻮف ﺗﺘﻜـ ــﺮر‪ ،‬أو أن اﻟﺴـ ـ ﺐ اﻟ ــﺬي أﺣ ــﺪث ﻧ ﺠـ ــﺔ‬ ‫اﻟﻤ ــﺎ ﺳ ــﻮف ﺤ ــﺪث ﻧﻔ ــﺲ اﻟﻨ ﺠ ــﺔ اﻟﻤﺴ ــﺘﻘ ﻞ‪ ،‬ﻟ ــﻦ ﻟ ـ ﺲ ﻫﻨ ــﺎك ﻣ ــﺎ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: PP. 70-71.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﻳﺆﻛ ــﺪ ﻟﻨ ــﺎ ﻫ ــﺬا اﻻﻧﺘﻈ ــﺎم اﻟﺤ ــﺘ ﺑ ـ اﻟﺴ ـ ﺐ واﻟﻨ ﺠ ــﺔ اﻟﺤ ــﺎﻻت اﻟ ـ ﻟ ــﻢ‬ ‫ﺗﺨﻀــﻊ ﻌــﺪ ﻟﻠﺨـ ة اﻟﺘﺠ ـﺔ‪ ،‬و ﺎﻟﺘــﺎ ﻓﺎﻻﺳــﺘﺪﻻل ﻣــﻦ اﻷﺳـ ﺎب ﻫــﻮ أ ﻀــﺎ‬ ‫اﺣﺘﻤﺎ )‪.(1‬‬ ‫‪ ‐ 8‬اﻟﻬ ﺔ اﻟﺸﺨﺼ ﺔ‪:‬‬ ‫ﻟ ﺴ ــﺖ أﺷـ ـ ﺎء اﻟﻌ ــﺎﻟﻢ اﻟﺨ ــﺎر وﺣ ــﺪﻫﺎ اﻟـ ـ ﻧﻌﺘﻘ ــﺪ وﺟﻮدﻫ ــﺎ‬ ‫واﺳ ــﺘﻤﺮارﻫﺎ ﻋ ـ اﻟﺰﻣ ــﺎن‪ ،‬ﻓﻬﻨ ــﺎك أ ﻀ ــﺎ اﻷﺷ ــﺨﺎص‪ ،‬وأوﻟﻬ ــﻢ اﻟ ــﺬات أو اﻟﻤ ــﺮء‬ ‫ﺎﻋﺘ ــﺎرە ﺷﺨﺼــﺎ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﻛ ــﻒ ﻧﺤﺼــﻞ ﻋ ـ ﻓﻜــﺮة ﻋــﻦ اﻟﻬ ــﺔ اﻟﺸﺨﺼ ـ ﺔ‪ ،‬أو‬ ‫و اﻟﻤ ــﺮء ﺬاﺗ ــﻪ ﺎﻋﺘ ــﺎرە ﻣﻮﺟ ــﻮدا وﻣﺴ ــﺘﻤﺮا ﻋ ـ اﻟﺰﻣ ــﺎن؟ ذﻫ ــﺐ ﻫﻴ ــﻮم إ‬ ‫واﺳ ــﺘﻤﺮارە ﻋـ ـ اﻟﺰﻣ ــﺎن ﻫ ــﻮ اﺳ ــﺘﻘ ﺎﻟﻨﺎ‬ ‫أن اﻟ ــﺬي ﺠﻌﻠﻨ ــﺎ ﻧﻘﻄ ــﻊ ﺑﻮﺟ ــﻮد‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ واﻟﺪاﺋﻢ ﻻﻧﻄ ﺎﻋﺎت ﻣــﻦ ﻫــﺬا اﻟ ـ‪ .‬ﻟ ــﻦ اﻟــﻨﻔﺲ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ ﻟ ﺴــﺖ‬ ‫ﻛ ـ ــﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓ ـ ــﻨﺤﻦ ﻻ ﻧ ـ ــﺘﻠ ﻣﻨﻬ ـ ــﺎ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ــﺎت ﻣﺴ ـ ــﺘﻤﺮة ﻋ ـ ـ ﺣ ﺎﺗﻨ ـ ــﺎ‪ .‬و ذا ﻛﻨ ـ ــﺎ‬ ‫ﻧﺤﺼــﻞ ﻋـ اﻧﻄ ــﺎع ﻋــﻦ أﻧﻔﺴــﻨﺎ‪ ،‬ﻓــﺈن ﻫــﺬا اﻻﻧﻄ ــﺎع ﺤــﺪث زﻣــﻦ ﻣﺤــﺪد‬ ‫وﻻ ﻳﺘﻜــﺮر داﺋﻤــﺎ‪ .‬و ﺎﻟﺘــﺎ ﺼــﻞ ﻫﻴــﻮم إ اﻟﻘــﻮل ــﺄن ﻓﻜــﺮة اﻟــﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﺮﺟــﻊ‬ ‫إ اﻟﺤ ــﻮاس‪ ،‬و ﻘ ــﻮل ذﻟ ــﻚ‪» :‬ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ أﺗﺄﻣ ــﻞ ذا داﺋﻤ ــﺎ ﻣ ــﺎ أﻗ ــﻒ ﻋﻨ ــﺪ‬ ‫إدراك ﻣﻌـ ـ أو آﺧـ ــﺮ‪ ،‬ﻋـ ــﻦ اﻟﺤـ ـﺮارة أو اﻟـ ـ ودة‪ ،‬اﻟﻀـ ــﻮء أو اﻟﻈـ ــﻞ‪ ،‬اﻟﺤـ ــﺐ أو‬ ‫اﻟ ــﺮە‪ ،‬اﻷﻟــﻢ أو اﻟﻠ ــﺬة‪ .‬ﻟ ﻨ ـ ﻻ أﺳــﺘﻄﻴﻊ أن أﻣﺴ ــﻚ ــﺬا‬ ‫أي وﻗ ــﺖ دون‬ ‫ﺳ ــﻮى ﻫ ــﺬا اﻹدراك اﻟﺤ ـ«)‪.(2‬‬ ‫إدراك ﻣــﺎ‪ ،‬وﻻ ﻤﻜﻨ ـ أن أﻻﺣ ــﻆ أي‬ ‫ﻓ ــﻞ ﻣ ــﺎ ﺤ ــﺪث ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ أﻻﺣ ــﻆ ﻧﻔ ـ ﻫ ــﻮ ﺳﻠﺴ ــﻠﺔ ﻣ ــﻦ اﻹدرا ــﺎت اﻟﺤﺴ ـ ﺔ‬ ‫اﻟ ـ ﺗﺤ ـ أﻣ ــﺎم اﻟﺤ ــﺲ اﻟ ــﺪاﺧ ‪ .‬ﻫ ــﺬە اﻟﺴﻠﺴ ــﻠﺔ ﻣ ــﻦ اﻹدرا ــﺎت اﻟﻤﺘﺘﺎ ﻌ ــﺔ‬ ‫ﻣﺠــﺮد ﻣﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣــﻦ اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت اﻟﺠﺰﺋ ــﺔ‪ ،‬أﻣــﺎ إﻟﺤــﺎق ﻫــﺬە اﻻﻧﻄ ﺎﻋــﺎت‬ ‫ﺣــﻮل اﻟــﻨﻔﺲ ﻤــﺎ ﻤﻜــﻦ أن ﻜــﻮن اﻟﻘــﻮام أو اﻟﺤﺎﻣــﻞ أو اﻟﺠــﻮﻫﺮ ﺎﻟ ﺴـ ﺔ ﻟﻬــﺎ‬ ‫ﻤﺜــﻞ ﺟــﻮﻫﺮ اﻟــﻨﻔﺲ‪ .‬وﻣــﺎ‬ ‫ﻓﻬﺬا ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻀﻪ ﻫﻴﻮم‪ ،‬ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻠ اﻧﻄ ﺎﻋﺎ‬ ‫ﻳﻨﻄﺒـ ــﻖ ﻋ ـ ـ اﻹدراك اﻟـ ــﺪاﺧ ﻟﻼﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت اﻟﻨﻔﺴ ـ ـ ﺔ ﻳﻨﻄﺒـ ــﻖ ﻛـ ــﺬﻟﻚ ﻋ ـ ـ‬ ‫ﻧﺘﻠﻘ ـ ـ ــﺎە ﻣ ـ ـ ــﻦ اﻧﻄ ﺎﻋ ـ ـ ــﺎت ﻣ ـ ـ ــﻦ أﺷـ ـ ـ ـ ﺎء اﻟﻌ ـ ـ ــﺎﻟﻢ اﻟﺨ ـ ـ ــﺎر ‪ ،‬ﻓﻠ ـ ـ ـ ﺲ ﻫ ـ ـ ــﺬە‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪29‬‬ ‫‪Ibid: PP. 127-142.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪Ibid: P. 252.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫اﻻﻧﻄ ﺎﻋـ ــﺎت ﻣـ ــﺎ ﻳـ ـ ر اﻟﻘـ ــﻮل ﺄﻧﻨ ـ ــﺎ ﻧـ ــﺮى اﻷﺷـ ـ ﺎء واﺣـ ــﺪة وذات ﻫ ـ ــﺔ ﺛﺎﺑﺘـ ــﺔ‬ ‫ووﺟــﻮد ﻣﺴــﺘﻤﺮ ﻋ ـ اﻟــﺰﻣﻦ‪ .‬ورﻏﻤــﺎ ﻋــﻦ ذﻟــﻚ ﻓﺈﻧﻨــﺎ ﺴــﺘﻤﺮ إﻟﺤــﺎق اﻟﻬ ــﺔ‬ ‫ﻃﺒ ﻌﺘﻨـ ـ ــﺎ‬ ‫ﺎﻷﺷ ـ ـ ـ ﺎء و ـ ـ ــﺬواﺗﻨﺎ‪ ،‬وﻫ ـ ـ ــﺬا ﻳﺮﺟـ ـ ــﻊ إ داﻓـ ـ ــﻊ أو ﻧـ ـ ــﺰوع ﻃﺒ ـ ـ ـ‬ ‫اﻟ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﺲ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳ رە اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗ ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‐ اﻷﺧ ـﻼق‪:‬‬ ‫ﻳﻨﻈ ـ ــﺮ ﻫﻴ ـ ــﻮم إ اﻟﺴـ ـ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ـ ــﺎ ﻋـ ـ ـ أﻧـ ـ ــﻪ ﻣ ـ ـ ـوط ﺎﻟﻄﺒ ﻌـ ـ ــﺔ‬ ‫اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ‪ ،‬وﻷﻧ ـ ــﻪ ﻳﻨﻈ ـ ــﺮ إ ﻫ ـ ــﺬە اﻟﻄﺒ ﻌ ـ ــﺔ اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ ﻋـ ـ ـ أﻧﻬ ـ ــﺎ ﻃﺒ ﻌ ـ ــﺔ‬ ‫اﻧﻔﻌﺎﻟ ﺔ اﻷﺳﺎس وﻻ ﺤﺘــﻞ ﻓﻴﻬــﺎ اﻟﻌﻘــﻞ إﻻ دورا ﺿــﻌ ﻔﺎ‪ ،‬ﻓﻬــﻮ ــﺬﻫﺐ إ‬ ‫أن ـﻞ ﺳــﻠﻮك إ ﺴــﺎ ﺻــﺎدر ﻋــﻦ اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت ‪ .Passions‬وﻫــﺬە اﻻﻧﻔﻌــﺎﻻت‬ ‫ﺸ ﻞ أﺳ ﺎ ﺎ ودواﻓﻊ ﻟﻠﻔﻌﻞ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠﻤــﺎ أن ــﻞ ﺣﺎدﺛــﺔ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ ﺴـ ﻘﻬﺎ‬ ‫ﺣﺎدﺛـ ــﺔ أﺧـ ــﺮى ﺴ ـ ـ ﺒﻬﺎ‪ .‬وﻻ ﻌ ـ ـ ﻫﻴـ ــﻮم ﺷـ ــﺄﻧﺎ ﻛﺒ ـ ـ ا ﺎﻟﺤ ـ ــﺔ أو اﻹرادة‬ ‫ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻠﻮك اﻹ ﺴﺎ ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻋﻨــﺪە ﻣﻘ ــﺪ ﻤــﺎ ﻟــﺪى اﻹ ﺴــﺎن ﻣــﻦ اﻧﻔﻌـﺎﻻت‪،‬‬ ‫و ﺗﻀ ـ ــﻢ اﻟﺴ ـ ـ ﻧﺤ ـ ــﻮ اﻟﻠ ـ ــﺬة وﺗﺠﻨ ـ ــﺐ اﻷﻟ ـ ــﻢ واﻟﺤﺼ ـ ـﻮل ﻋ ـ ـ اﻟﻤﻨﻔﻌ ـ ــﺔ‪.‬‬ ‫واﻷﻫ ـ ــﺪاف اﻹ ﺴ ـ ــﺎﻧ ﺔ ﻠﻬ ـ ــﺎ ﻟ ﺴ ـ ــﺖ أﻫ ـ ــﺪاﻓﺎ ﻋﻘﻠ ـ ــﺔ أو ﺻ ـ ــﺎدرة ﻋ ـ ــﻦ ﻣ ـ ــﺎدئ‬ ‫ﻋﻘﻠ ــﺔ‪ ،‬وﻻ ﺴــﻠﻚ اﻹ ﺴــﺎن ﺳــﻠﻮﻛﻪ اﻟﻴــﻮ ﺑﻨــﺎء ﻋـ ﻗﻮاﻋــﺪ اﻟﻌﻘــﻞ‪ ،‬ــﻞ ﺑﻨــﺎء‬ ‫ﻋـ ﻃﺒ ﻌﺘــﻪ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟ ــﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﺻــﺪور ــﻞ اﻷﻓﻌــﺎل اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ ﻋــﻦ اﻟﻌﻮاﻃــﻒ‬ ‫واﻟﺮﻏ ــﺎت واﻷﻫ ــﻮاء ﻻ ﺠﻌﻠﻬ ــﺎ ﺛﺎﺑﺘ ــﺔ ﺗ ﺒ ــﻊ ﺧ ــﻂ ﺳ ـ واﺣ ــﺪ وﻣﻌ ــﺮوف‪ ،‬ــﻞ‬ ‫ﺠﻌﻠﻬ ــﺎ ﻣﺘﻘﻠ ــﺔ وﻣﺘﻐ ـ ة‪ .‬ﻘ ــﻮل ﻫﻴ ــﻮم ذﻟ ــﻚ‪» :‬ﻟ ـ ﺲ ﻫﻨ ــﺎك ﻣ ــﺎ ﻫ ــﻮ أ ـ‬ ‫ﺗﻘﻠ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﻷﻓﻌ ــﺎل اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ‪ .‬ﻓﻤ ــﺎ ﻫ ــﻮ اﻷ ـ ﺗﻐ ـ ا ﺳ ــﻮى أﻫ ــﻮاء اﻟ ـ؟ إن‬ ‫اﻹ ﺴــﺎن ﻫــﻮ اﻟ ــﺎﺋﻦ اﻟﻮﺣ ــﺪ اﻟــﺬي ﺸــﺬ ﻌ ــﺪا ﻋــﻦ اﻟﻌﻘــﻞ اﻟﺴــﻠ ﻢ‪ ،‬ــﻞ وﻋـﻦ‬ ‫ﺷﺨﺼـ ـ ﺘﻪ واﺳ ــﺘﻌﺪادە‪ .‬إن ﺳ ــﺎﻋﺔ واﺣ ــﺪة‪ ،‬ــﻞ ﻟﺤﻈ ــﺔ واﺣ ــﺪة‪ ،‬ﻛﻔ ﻠ ــﺔ ــﺄن‬ ‫ﺗﺠﻌﻠ ــﻪ ﻳﺘﻐ ـ ﻣ ــﻦ اﻟﻨﻘ ـ ﺾ إ اﻟﻨﻘ ـ ﺾ‪ ..‬إن اﻟ ـورة ﺛﺎﺑﺘ ــﺔ و ﻘﻴ ــﺔ‪ .‬ﻟ ــﻦ‬ ‫اﻟﺴــﻠﻮك اﻹ ﺴــﺎ ﻏـ ﺛﺎ ــﺖ وﻏـ ﻘﻴـ ‪ .‬و ﺎﻟﺘــﺎ ﻓــﺈن اﻟﺴــﻠﻮك اﻹ ﺴــﺎ ﻻ‬ ‫ﻤﻜ ــﻦ أن ﻳ ﺸ ــﺄ ﻋ ــﻦ اﻟ ـورة«)‪ .(1‬وﻫﻜ ــﺬا ﻳﻨﻜ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم أي اﻧﺘﻈ ــﺎم أو ورة‬ ‫اﻟﺴــﻠﻮك اﻹ ﺴــﺎ ‪ ،‬و ﻨﻜــﺮ ﺧﻀــﻮﻋﻪ ﻷي ﻗﻮاﻋــﺪ ﻋﻘﻼﻧ ــﺔ ﺛﺎﺑﺘــﺔ‪ .‬و ذا ــﺎن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: P. 403.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ﻳ ﺒ ــﻊ أﺳﺴ ــﺎ ﻣ ــﺎ‪ ،‬ﻓ ــﺈن ﻫ ــﺬە اﻷﺳ ــﺲ ذاﺗﻬ ــﺎ ﺗﺘﻐ ـ ‪ .‬إﻧﻬ ــﺎ‬ ‫اﻷﻫ ــﻮاء واﻟﺮﻏ ــﺎت واﻻﻧﻔﻌ ــﺎﻻت‪ ،‬ﺗﻠ ــﻚ اﻟـ ـ ﺗﺠﻌ ــﻞ اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ﻏـ ـ‬ ‫ﻣﻨﺘﻈﻢ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ‪.‬‬ ‫ورﻏﻤــﺎ ﻋــﻦ ذﻟــﻚ ﻓــﺈن اﻹ ﺴــﺎن ﻻ ﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻘــﻮم ــﺄي ﻓﻌــﻞ إﻻ ﺑﻨــﺎء‬ ‫ﻋ اﻓ اض ﺄن اﻵﺧﺮ ﺳﻮف ﻘﻮم ﺑﺮد ﻓﻌﻞ ﻣﻌ إزاء أﻓﻌﺎﻟﻨﺎ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓــﺈن‬ ‫اﻟﺴ ـ ـ ﺒ ﺔ اﻋﺘﻘ ـ ــﺎد ﻳﻮﺟ ـ ــﻪ اﻟﺴ ـ ــﻠﻮك‪ ،‬ﻟ ﻨﻬ ـ ــﺎ ﻟ ﺴ ـ ــﺖ ﺳ ـ ـ ﺒ ﺔ ﺣﻘ ﻘ ـ ــﺔ ـ ــﻞ‬ ‫ﻣﻔ ﺿــﺔ وﻣﺘﻮﻫﻤــﺔ‪ ،‬ﻷن اﻵﺧــﺮ ﻤﻜــﻦ أن ﺼــﺪر ﻋﻨ ـﻪ رد ﻓﻌــﻞ ﻣﺨﺘﻠــﻒ ﻋﻤــﺎ‬ ‫ﻛﻨ ــﺎ ﻧﺘﻮﻗﻌـ ــﻪ ﻣﻨـ ــﻪ‪ .‬ﻓﺎﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ اﻷﻓﻌ ــﺎل ﻣﺜﻠﻬـ ــﺎ ﻣﺜـ ــﻞ اﻟﺴـ ـ ﺒ ﺔ اﻟﻄﺒ ﻌـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﺠـ ــﺮد اﻋﺘﻘ ـ ــﺎد ﻧ ـ ــﺘﻤﻜﻦ ـ ــﻪ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣـ ــﻞ ﻣ ـ ــﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤ ـ ــﻊ ﻣﺜﻠﻤ ـ ــﺎ ﻧ ـ ــﺘﻤﻜﻦ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻄﺒ ﻌﺔ‪.‬‬ ‫أﻣ ــﺎ ﻋ ــﻦ ﺣ ــﺔ اﻟﻔﻌ ــﻞ اﻹ ﺴ ــﺎ ﻓ ــﺈن ﻟﻬﻴ ــﻮم رأي ﺧ ــﺎص ﻓﻴﻬ ــﺎ‪ ُ .‬ﻌﺘﻘ ــﺪ‬ ‫داﺋﻤ ــﺎ أن اﻟﺤ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﺗﺘﻤﺜ ــﻞ اﻟﻘ ــﺪرة ﻋ ـ اﻟﻘ ــﺎم ﺄﻓﻌ ــﺎل ﺑﻨ ــﺎء ﻋ ـ‬ ‫اﻹرادة اﻟﺤﺮة‪ ،‬و ُ ﻨﻈــﺮ إ ﻫــﺬە اﻹرادة اﻟﺤــﺮة ﻋـ أﻧﻬــﺎ اﻹرادة اﻟﻌﻘﻼﻧ ــﺔ اﻟـ‬ ‫ﺗــﺆدي إ ﺳــﻠﻮك ﻋﻘــﻼ ﺳــﻠ ﻢ ﻣﺘﻔــﻖ ﻣــﻊ ﻗﻮاﻋــﺪ اﻟﻌﻘــﻞ‪ .‬ﻟ ــﻦ ﻫﻴــﻮم ﻳﻨﻈــﺮ‬ ‫إ اﻟﺤ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ ﺻ ــﺎدرة ﻋ ــﻦ إﻣ ﺎﻧ ــﺔ ﺗﻐﻴ ـ اﻹ ﺴ ــﺎن ﻟﺴ ــﻠﻮﻛﻪ‬ ‫ﺑﻨــﺎء ﻋـ رﻏ ﺎﺗــﻪ وأﻫﺪاﻓــﻪ‪ .‬ﻟ ﺴـﺖ اﻟﺤ ــﺔ اﻹ ﺴــﺎﻧ ﺔ ﻋﻨــﺪ ﻫﻴــﻮم ﻣﻔﻬﻮﻣــﺔ‬ ‫إﻃ ــﺎر اﻟﻌﻘ ــﻞ واﻟﻤﻨﻄ ـﻖ‪ ،‬ــﻞ ﻣﻔﻬﻮﻣ ــﺔ إﻃ ــﺎر اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟ ــﺔ اﻟﻤﺘﻐ ـ ة‬ ‫ﻟﻠ ـ ـ‪ .‬ﻓﻬ ــﻮ ﻳﻨﻈ ــﺮ إ ﺗﻘﻠ ــﺐ اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻟ ـ ـي ﻋـ ـ أﻧ ــﻪ ﻫ ــﻮ ﻫ ــﺬە اﻟﺤ ــﺔ‬ ‫اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ذاﺗﻬ ــﺎ‪ .‬ﻓﻠـ ـ ﺲ اﻟﻌﻘ ــﻞ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ ﺠﻌ ــﻞ اﻹ ﺴ ــﺎن ﺣـ ـﺮا‪ ،‬ــﻞ ﻃﺒ ﻌﺘ ــﻪ‬ ‫اﻟﻤﺘﻐ ـ ـ ة اﻟﻤﺘﻘﻠ ـ ــﺔ اﻟﻤ ـ ـوﻃﺔ ﺎﻻﻧﻔﻌ ـ ــﺎﻻت‪ .‬ﻓ ـ ــﻼ ﻤﻜ ـ ــﻦ أن ﻜ ـ ــﻮن اﻟﻌﻘ ـ ــﻞ‬ ‫ﻣﺼ ـ ــﺪرا ﻟﻠﺤ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻷن اﺗ ـ ــﺎع اﻟﻌﻘ ـ ــﻞ ﻫ ـ ــﻮ اﻟ ـ ـورة وﻫ ـ ــﻮ اﻟﺤﺘﻤ ـ ــﺔ ﻌﻴﻨﻬ ـ ــﺎ‪،‬‬ ‫و ﺴـ ــﺘﻄﻴﻊ اﻹ ﺴـ ــﺎن اﻻﻧﻔـ ــﻼت ﻣـ ــﻦ اﻟ ـ ـورة واﻟﺤﺘﻤ ـ ــﺔ ﺑﻨـ ــﺎء ﻋ ـ ـ ﻃﺒ ﻌﺘـ ــﻪ‬ ‫اﻟﻤﻀـ ــﺎدة ﻟﻠﻌﻘـ ــﻞ‪ .‬وﻻ ﻌ ـ ـ ﺧـ ــﺮوج اﻟﺴـ ــﻠﻮك اﻹ ﺴـ ــﺎ ﻋـ ــﻦ اﻟﻌﻘـ ــﻞ أن ﻫـ ــﺬا‬ ‫اﻟﺴﻠﻮك ﻏـ ﻣﻨــﺘﻈﻢ و ــﺪون أﺳـ ﺎب‪ ،‬ــﻞ ﻋـ اﻟﻌﻜــﺲ‪ ،‬إذ ﻌـ أن اﻟﺴــﻠﻮك‬ ‫اﻹ ﺴــﺎ ﻣ ــﺪأە اﻷﺳــﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔــﺔ واﻻﻧﻔﻌــﺎل واﻟﺮﻏ ــﺎت واﻷﻫــﻮاء‪ .‬ﻫــﺬە‬ ‫‪31‬‬ ‫اﻟﻘﻮاﻋ ــﺪ اﻟﻼﻋﻘﻼﻧ ــﺔ ﻟﻠﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ‪ .‬و ﺠ ــﺐ أن ﻧ ﻨ ــﻪ ﻫﻨ ــﺎ إ أن ﻫﻴ ــﻮم‬ ‫ﻌﻜ ــﺲ ﻣﻌﻈ ــﻢ اﻟﻔﻼﺳ ــﻔﺔ اﻟﺴ ــﺎ ﻘ ﻋﻠ ــﻪ ﻻ ﺼ ــﻒ اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ﻤ ــﺎ‬ ‫ﺠﺐ أن ﻜﻮن‪ ،‬ﻞ ﺼﻒ اﻟﺴﻠﻮك اﻹ ﺴﺎ ﻤﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﺎﻟﻔﻌﻞ‪ .‬ﻟﻘﺪ درج‬ ‫اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ داﺋﻤﺎ ﻋ اﻟ ﻂ ﺑ اﻟﺴﻠﻮك اﻹ ﺴﺎ واﻟﻌﻘﻞ واﻟﺤ ــﺔ‪ ،‬ﻫــﺎدﻓ‬ ‫ــﺬﻟﻚ إﺛ ــﺎت أن اﻟﺤ ــﺔ اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﻻ ﻤﻜ ــﻦ أن ﺗﺘﺤﻘ ــﻖ إﻻ إﻃ ــﺎر اﻟﻌﻘ ــﻞ‪،‬‬ ‫ﻟ ــﻨﻬﻢ ــﺬﻟﻚ ﻟــﻢ ﻜﻮﻧــﻮا ﺼــﻔﻮن ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻗــﺎﺋﻢ ــﻞ ﻣــﺎ ﺠــﺐ أن ﻜــﻮن‪ ،‬وﻟﻘــﺪ‬ ‫آﺛ ــﺮ ﻫﻴ ــﻮم أن ﺼ ــﻒ اﻟﺴ ــﻠﻮك اﻹ ﺴ ــﺎ ﻤ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﺣ ــﺎدث ﺎﻟﻔﻌ ــﻞ‪ ،‬ﻛﺠ ــﺰء ﻣ ــﻦ‬ ‫اﻟﺬي ﻻ ﻘﺤﻢ أي ﻣﻌ ﺎر ﺧﺎر ﻳﺮاد ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻹ ﺴــﺎ أن‬ ‫ﻣﻨﻬﺠﻪ اﻟﺘﺠ‬ ‫ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻞ اﻟﺬي ﻳ ﺤﺚ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺎﻟﻔﻌﻞ ﻤﺎ ﻳﻮﺟﻬﻪ‪.‬‬ ‫وﻣﺜﻠﻤـ ــﺎ أﻧﻜـ ــﺮ ﻫﻴـ ــﻮم أن ﻜـ ــﻮن ﻟﻠﻌﻘـ ــﻞ دور اﻟﺴـ ــﻠﻮك اﻹ ﺴـ ــﺎ ‪ ،‬ﻓﻬـ ــﻮ‬ ‫أ ﻀﺎ ﻳﻨﻜﺮ دورە ﻣﺠﺎل اﻷﺧﻼق‪ .‬و ﺖ ﻫﻴﻮم ذﻟﻚ ﻋــﻦ ﻃ ـﻖ ﺗﻮﺿــﻴﺢ أن‬ ‫ﻣــﺎ ﺠﻌﻠﻨــﺎ ﻧﺼــﺪر أﺣ ﺎﻣــﺎ أﺧﻼﻗ ــﺔ ﺣــﻮل ﻣــﺎ إذا ــﺎن ﻓﻌــﻞ ﻣــﺎ ﻓﻀـ ﻠﺔ أو رذ ﻠــﺔ‪،‬‬ ‫ﺻ ــﺢ أو ﺧﻄ ـﺄ‪ ،‬ﻣﺴ ــﺘﺤﻖ اﻟﺜﻨ ــﺎء واﻟﻤ ــﺪﻳﺢ أو اﻟﻠ ــﻮم واﻟ ــﺬم‪ ،‬ﻻ ﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋ ـ ﻓﻜ ــﺮة‬ ‫ﻣﺠــﺮدة أو ﻗ ﻤــﺔ ﻋﻘﻠ ــﺔ ﻧﺘﻮﺻــﻞ إﻟﻴﻬــﺎ ﺎﺳــﺘﺪﻻل أو ﺑﺮﻫــﺎن‪ ،‬ــﻞ ﻌﺘﻤــﺪ ﻋـ ﻣــﺎ‬ ‫ﻟـ ــﺪﻳﻨﺎ ﻣـ ــﻦ رﻏ ـ ــﺎت واﻧﻔﻌـ ــﺎﻻت وأﻫـ ــﻮاء‪ .‬ﻓﺈﺻـ ــﺪار ﺣ ـ ــﻢ أﺧـ ــﻼ ﻌﺘﻤـ ــﺪ ﻋ ـ ـ‬ ‫اﻧﻄ ــﺎع ﻣــﺎ‪ ،‬وﻫــﺬا اﻻﻧﻄ ــﺎع ﺄﺧــﺬ ﺻــﻮرة إﺣﺴــﺎس أو اﻧﻔﻌــﺎل‪ .‬ﻓﺎﻟ ـ ﺠــﺪون‬ ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣــﺪﻓﻮﻋ ﻧﺤــﻮ اﻟﻘ ــﺎم ﻔﻌــﻞ ﻣــﺎ ﻷﻧﻬــﻢ ﻌﺘﻘــﺪون أﻧــﻪ ﺧـ ﱢ أو ﺻــﺤﻴﺢ‪،‬‬ ‫أو ﻷﻧﻬﻢ ﻌﺘﻘﺪون أﻧﻪ ﻟــﻦ ﻳــﺆدي إ اﻟﺨﻄــﺄ أو إ ﻧﺘــﺎﺋﺞ ﺳــﻠﺒ ﺔ وﺧ ﻤــﺔ‪ .‬وﻋـ‬ ‫اﻟ ــﺮﻏﻢ ﻣ ــﻦ أن ﻫ ــﺬا اﻻﻋﺘﻘ ــﺎد ﻳ ــﺪو ﻋﻠ ــﻪ اﻟﻌﻘﻼﻧ ــﺔ إﻻ أﻧ ــﻪ ﻟ ـ ﺲ ﻛ ــﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻷﻧ ــﻪ‬ ‫ﻣﻮﺟﻪ ﻋﻦ ﻃ ﻖ اﻟﺴﻠ ﻘﺔ واﻟﺘﻠﻘﺎﺋ ﺔ ﻻ اﻟ ﻫﺎن اﻟﻌﻘ أو اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻣــﻦ ﻗـ ﻢ‬ ‫أﺧﻼﻗ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ــﺎ‪» .‬اﻟﻌﻘـ ــﻞ وﺣـ ــﺪە ﻋـ ــﺎﺟﺰ ﻫـ ــﺬا اﻟﻤﺠـ ــﺎل‪ .‬إن ﻗﻮاﻋـ ــﺪ اﻷﺧـ ــﻼق‬ ‫ﻟ ﺴ ــﺖ ﻧ ــﺎﺗﺞ اﺳ ــﺘﺪﻻ ﻋﻘ ـ «)‪ .(1‬ــﻞ ﻧﺘ ــﺎج اﻋﺘ ـﺎد اﻟﻨ ــﺎس ﻋ ـ ﺟ ـ اﻟﻤﻨ ــﺎﻓﻊ‬ ‫وﺗﺠﻨــﺐ اﻟ ـر‪ ،‬واﻟﺴـ ﻧﺤــﻮ اﻟﻤﻨــﺎﻓﻊ وﺗﺠﻨــﺐ اﻷ ار ﺧــﺎص ﺎﻻﻧﻔﻌــﺎل‬ ‫ﻻ اﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪Ibid: P. 457.‬‬ ‫‪32‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫وﻣـ ــﺎ ﺠﻌ ــﻞ ﻓﻌ ــﻞ ﻣ ــﺎ ﻓﻀـ ـ ﻠﺔ أو رذ ﻠ ــﺔ ﻟـ ـ ﺲ أي ﻣ ــﺪأ ﻋﻘـ ـ أو ﻗ ﻤ ــﺔ‬ ‫أﺧﻼﻗ ـ ـ ــﺔ ـ ـ ــﻞ اﻟـ ـ ــﺪواﻓﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟ ـ ـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ـ أدت إ ﻫـ ـ ــﺬا اﻟﻔﻌـ ـ ــﻞ واﻟﻈـ ـ ــﺮوف‬ ‫اﻟﻤﺤ ﻄ ـ ــﺔ ﺎﻟﻔﻌ ـ ــﻞ‪ .‬وﻷن ﻫ ـ ــﺬە اﻟﻈ ـ ــﺮوف اﻟﻤﺤ ﻄ ـ ــﺔ ﻣﻌﻄ ـ ــﺎة ﺳ ـ ــﻠﻔﺎ و ﺠ ـ ــﺪ‬ ‫اﻟﻔﺎﻋ ــﻞ ﻧﻔﺴ ــﻪ ﻣﺤﺎﻃ ــﺎ ﺑﻬ ــﺎ‪ ،‬ﻓ ــﺈن أي ﺳ ــﻠﻮك إ ﺴ ــﺎ ﺼ ــﺪر وﻓﻘﻬ ــﺎ ﻟ ــﻦ ﻜ ــﻮن‬ ‫ﺻ ــﺎدرا ﻋ ــﻦ اﻻﺣﺘ ــﺎم ﻟﻠﻌﻘ ــﻞ ــﻞ ﺳ ـ ﻜﻮن ﻣﺠ ــﺮد رد ﻓﻌ ــﻞ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ أو اﺳ ــﺘﺠﺎ ﺔ‬ ‫ﻟﻬﺎ‪ .‬وداﺋﻤﺎ ﻣــﺎ ﻜــﻮن اﻟﻔﻌــﻞ اﻟﺼــﺎدر ﻋــﻦ اﻟﻈــﺮوف اﻟﻤﺤ ﻄــﺔ ﻣﺠــﺮد رد ﻓﻌــﻞ‪،‬‬ ‫ﺗ ﺘ ﻓ ﻪ اﻹرادة اﻟﻌﻘﻼﻧ ﺔ وﺗﺘﺤ ﻢ ﻓ ــﻪ اﻷﻫــﻮاء واﻟﻤﺼــﺎﻟﺢ اﻟﺬاﺗ ــﺔ‪ .‬و ﻤ ــﻞ‬ ‫ﻫﻴ ــﻮم إ اﻋﺘ ــﺎر أن اﻟﻔﻀ ـ ﻠﺔ واﻟﺮذ ﻠ ــﺔ ﻟ ﺴ ــﺘﺎ إﻻ وﺟﻬ ــﺔ ﻧﻈ ــﺮ إ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ ﺤﺘ ــﺔ‬ ‫اﻟﻌــﺎﻟﻢ‪ ،‬ذﻟــﻚ‬ ‫ﺻــﺎدرة ﻋ ـﻦ اﻟﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ وﻟ ـ ﺲ ﻟﻬﻤــﺎ وﺟــﻮد ﻣﻮﺿــﻮ‬ ‫ﻷﻧﻬﻤـ ــﺎ ﻣﺆﺳﺴـ ــﺎن ﻋ ـ ـ ﻓﻜـ ــﺮ اﻟﺨ ـ ـ واﻟ ـ ـ‪ .‬واﻟﺨ ـ ـ واﻟ ـ ـ ﻋﻨـ ــﺪە ﻣﺠـ ــﺮد‬ ‫اﻧﻄ ﺎع اﻧﻔﻌﺎ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻔ ﻀﺎﻧﺎت واﻟ ا واﻟﺰﻻزل ﻟ ﺴﺖ إﻻ ﻇﻮاﻫﺮ ﻃﺒ ﻌ ــﺔ‪،‬‬ ‫أﻣﺎ ﻧﻈﺮ اﻹ ﺴﺎن ﻓﺘﺼﺒﺢ ا أو ﻋﻘﺎ ﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ آﺛﺎر ﺳــﻠﺒ ﺔ ﻋـ‬ ‫اﻟﺤ ــﺎة اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ‪ .‬وﻛ ــﺬﻟﻚ اﻟﺤ ــﺎل ﺎﻟ ﺴ ـ ﺔ ﻟﻸﻓﻌ ــﺎل اﻹ ﺴ ــﺎﻧ ﺔ اﻟ ـ ﺗﻮﺻ ــﻒ‬ ‫ﺎﻟﻔﻀ ـ ﻠﺔ أو اﻟﺮذ ﻠ ــﺔ‪ ،‬أو اﻟﺨ ـ أو اﻟ ـ‪ ،‬ﻓﻬ ــﺬە اﻷﺷ ـ ﺎء ﻟ ﺴ ــﺖ ﻗ ﻤ ــﺎ ﻣﻄﻠﻘ ــﺔ‬ ‫وﻟـ ـ ﺲ ﻟﻬ ــﺎ وﺟ ــﻮد واﻗـ ـ ﻣﺴ ــﺘﻘﻞ ﻋ ــﻦ اﻧﻔﻌ ــﺎﻻت اﻟ ـ ـ‪ ،‬ﻟ ــﻦ ﺴ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ‬ ‫اﻟﻨ ــﺎس ﺎﻋﺘ ﺎرﻫ ــﺎ ﻣ ـ ــﺎدئ أﺧﻼﻗ ــﺔ ــﺎﻟﻨﻈﺮ إ ﻣ ــﺎ ﻌ ــﻮد ﻋﻠ ــﻴﻬﻢ ﻣ ــﻦ ﻧﻔ ــﻊ أو‬ ‫ﺴ ـ ـ ـ ﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﻌ ـ ـ ــﻞ‬ ‫ر‪ .‬وﻟ ﺴ ـ ـ ــﺖ اﻟﻔﻀ ـ ـ ـ ﻠﺔ واﺣ ـ ـ ــﺪة أو ﺛﺎﺑﺘ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ـ ـ ــﻞ‬ ‫اﻟﻔﺎﺿ ــﻞ ﻇ ــﺮوف ﻣﻌﻴﻨ ــﺔ ﻤﻜ ــﻦ أن ﻳﻨﻘﻠ ــﺐ إ رذ ﻠ ــﺔ ﻇ ــﺮوف أﺧ ــﺮى‪،‬‬ ‫واﻟﺤ ــﺎل ﻛـ ــﺬﻟﻚ ﻣـ ــﻊ اﻟﺮذ ﻠـ ــﺔ اﻟـ ـ ﻤﻜـ ــﻦ أن ﺗﺘﺤـ ــﻮل إ ﻓﻀـ ـ ﻠﺔ ﻇـ ــﺮوف‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ .‬وﻣﻌ ﻫﺬا أﻧــﻪ ﻟ ﺴــﺖ ﻫﻨــﺎك ﻗـ ﻢ أﺧﻼﻗ ــﺔ واﺣــﺪة وﺛﺎﺑﺘــﺔ‪ ،‬ــﻞ‬ ‫داﺋﻤــﺎ ﺴ ـ ﺔ وﻣﺘﻐ ـ ة‪ ،‬واﻟﻈــﺮوف اﻟﻤﺤ ﻄــﺔ اﻟ ـ ﺗﺤــﺪد ﻣ ـﺎ إذا ــﺎن ﻓﻌــﻞ‬ ‫ﻣــﺎ ﻓﻀ ـ ﻠﺔ أو رذ ﻠ ــﺔ‪ .‬واﻟﻔﻀ ـ ﻠﺔ واﻟﺮذ ﻠــﺔ ﻻ ﺤ ــﺪدان اﻟﺴــﻠﻮك ﻗ ــﻞ أن ﻘ ــﻮم‬ ‫اﻹ ﺴ ـ ــﺎن ﺎﻟﻔﻌ ـ ــﻞ‪ ،‬ـ ــﻞ ﻫﻤ ـ ــﺎ ﻧ ﺠ ـ ــﺔ اﻟﺘﺄﻣ ـ ــﻞ ﺗﻮاﺑ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﻔﻌ ـ ــﻞ ﻌ ـ ــﺪ أن‬ ‫ــﻞ ﻫﻤــﺎ ﻣﺠــﺮد اﻧﻄ ــﺎع أﺧــﻼ ﻋــﻦ‬ ‫ﺤﺪث‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﻮﺟﻬــﺎن أي‬ ‫ً‬ ‫اﻟﻔﻌ ــﻞ اﻟ ــﺬي ﺗﺤﻘ ــﻖ اﻟﺴ ــﺎﺑﻖ‪ .‬و ـب ﻫﻴ ــﻮم ﻣﺜ ــﺎ ﺗﻮﺿ ـ ﺤ ﺎ ﻋ ـ ذﻟ ــﻚ‬ ‫ﺎﻟﻘﺘــﻞ اﻟﻤﻘﺼــﻮد‪ ُ .‬ﻌﺘﻘــﺪ أن اﻟﻘﺘــﻞ اﻟﻤﻘﺼــﻮد رذ ﻠــﺔ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺤــﺮب ﻟ ﺴــﺖ‬ ‫‪33‬‬ ‫ُ‬ ‫إﻻ ﻫ ـﺬا اﻟﻘﺘ ــﻞ اﻟﻤﻘﺼ ــﻮد ﻌﻴﻨ ــﻪ وي◌ﻧﻈ ــﺮ إﻟﻴﻬ ــﺎ ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ ﻓﻀ ـ ﻠﺔ‪ ،‬ــﻞ ﻋ ـ‬ ‫أﻧﻬــﺎ أﺳـ درﺟــﺎت اﻟ ـف‪ .‬وﻻ ــﺪﺧﻞ اﻟ ـ ﺣــﺮوب ﻌــﺪ أن ﺤــﺪدوا ﻣــﺎ‬ ‫ً‬ ‫إذا ﺎﻧﺖ ﻓﻀ ﻠﺔ أم رذ ﻠــﺔ‪ ،‬ــﻞ ــﺪﺧﻠﻮن اﻟﺤــﺮب أو ﺛــﻢ ﻳـ رون ﺳــﻠﻮﻛﻬﻢ‬ ‫ﻫﺬا ﺄﻧــﻪ ﻓﻀـ ﻠﺔ‪ ،‬وآﺧــﺮون ﻳﻨﻈــﺮون إ ﻧﻔــﺲ ﻫــﺬە اﻟﺤــﺮب ﻋـ أﻧﻬــﺎ رذ ﻠــﺔ‪،‬‬ ‫ر ﻤ ــﺎ إذا ــﺎﻧﻮا اﻟﻄ ــﺮف اﻟﻤﻬ ــﺰوم‪ .‬ﻌ ــﺪ أن ﺗﻀ ــﻊ اﻟﺤ ــﺮب أوزارﻫ ــﺎ ﻳﻨﻈ ــﺮ إﻟﻴﻬ ــﺎ‬ ‫ﻓ ــﻖ ﻋ ــﻞ أﻧﻬ ــﺎ ﺎﻧ ــﺖ ﻓﻀـ ـ ﻠﺔ وﻫ ــﻢ اﻟﻄ ــﺮف اﻟﻤﻨﺘ ـ ـ و ﻨﻈ ــﺮ إﻟﻴﻬ ــﺎ اﻟﻄ ــﺮف‬ ‫اﻵﺧ ــﺮة اﻟﻤﻬ ــﺰوم ﻋ ـ أﻧﻬ ــﺎ ﺎﻧ ــﺖ رذ ﻠ ــﺔ‪ ،‬أو اﻋﺘ ــﺪاء ﺳ ــﺎﻓﺮ ﻋ ـ اﻟ ــﺮﻏﻢ ﻣ ــﻦ أن‬ ‫ﻫﺬا اﻟﻄﺮف ﺎن ﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋ أﻧﻬﺎ ﻓﻀ ﻠﺔ إذا ﺎن ﻫﻮ اﻟﻤﻨﺘ ‪.‬‬ ‫ﺧﺎﺗﻤ ـﺔ‪:‬‬ ‫ﺎﻧ ـ ــﺖ اﻟﻤﺸـ ـ ـ ﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳـ ـ ـ ﺔ ﺎﻟ ﺴـ ـ ـ ﺔ ﻟﻬﻴ ـ ــﻮم ﻣﺸـ ـ ـ ﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ‪:‬‬ ‫ﻃﺒ ﻌﺘﻬ ــﺎ ووﺟﻮدﻫ ــﺎ‪ .‬اﺳ ــﺘﻔﺎد ﻫﻴ ــﻮم ﻣ ــﻦ ﻟ ــﻮك ﺣﻠ ــﻪ ﻟﻬ ــﺬە اﻟﻤﺸ ـ ﻠﺔ‪ ،‬ذﻟ ــﻚ‬ ‫اﻻﺳ ـ ــﺘﺪﻻل أو اﻟ ﻫ ـ ــﺎن«‪،‬‬ ‫ﻷﻧ ـ ــﻪ اﺳ ـ ــﺘﻌﺎر ﻣ ـ ــﻦ ﻟ ـ ــﻮك »اﻟﻤ ـ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠـ ـ ـ‬ ‫واﻋ ـ ف ــﺄن ﻟ ــﻮك ﻗ ــﺪ ﺳ ـ ﻘﻪ اﻟ ــﺪء ﺪراﺳ ــﺔ اﻟﻔﻬ ــﻢ اﻟ ـي ﻛﻨﻘﻄ ــﺔ أو‬ ‫ﺗﻤ ـ ـ ـ ﻋـ ـ ــﻦ‬ ‫ﻟﺪراﺳـ ـ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓـ ـ ــﺔ‪ .‬إﻻ أن اﺳـ ـ ــﺘﺨﺪام ﻫﻴـ ـ ــﻮم ﻟﻠﻤـ ـ ــﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠ ـ ـ ـ‬ ‫اﺳــﺘﺨﺪام ﻟــﻮك ﻟــﻪ اﻟﺪﻗــﺔ واﻟ ــاﻣﺔ اﻟﻤﻨﻬﺠ ــﺔ‪ ،‬ــﻞ واﻟﺸــﺠﺎﻋﺔ اﻟ ـ أدت‬ ‫ﺑﻬﻴ ـ ــﻮم إ اﻟﺴ ـ ـ ﻣ ـ ــﻊ اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻔﺔ اﻟﺘﺠ ـ ــﺔ ﺣ ـ ـ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬ ـ ــﺎ اﻟﻤﻨﻄﻘ ـ ـﺔ واﻟ ـ ـ‬ ‫ﺗﻤﺜﻠــﺖ ﻋﻨــﺪە ﻧﺰﻋ ــﺔ ﺷــﻜ ﺔ أو ﺴ ـ ﺔ‪ ،‬إذ ذﻫــﺐ ﻫﻴ ــﻮم إ أن ــﻞ ﻣﻌﺎرﻓﻨ ــﺎ‬ ‫ﺴ ـ ـ ﺔ ودرﺟـ ــﺔ اﻻﺣﺘﻤـ ــﺎل ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﻋﺎﻟ ـ ــﺔ‪ ،‬وأﻧﻨـ ــﺎ ﻻ ﺴـ ــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌـ ــﺮف ﺪﻗـ ــﺔ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌـ ـ ــﺔ اﻟﺤﻘ ﻘ ـ ـ ــﺔ ﻟﻤﻮﺿـ ـ ــﻮﻋﺎت اﻟﻤﻴﺘﺎﻓ ﻘـ ـ ــﺎ ﻣﺜـ ـ ــﻞ اﻟـ ـ ــﻨﻔﺲ واﻷﻟﻮﻫ ـ ـ ــﺔ‬ ‫واﻟﺤ ــﺔ واﻟﻐﺎﺋ ــﺔ‪ .‬ــﻞ ﻣ ــﺎ ﻧﻌﺮﻓ ــﻪ ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ ﻘﻴ ــﺔ ﻫ ــﻮ أﺷـ ـ ﺎء اﻟﻌ ــﺎﻟﻢ اﻟﺤ ـ ـ‬ ‫اﻟﺨﺎﺿـ ــﻊ ﻟـ ــﻺدراك اﻟﺤ ـ ـ واﻟﺨ ـ ـ ة اﻟﺘﺠ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻬـ ــﺬا ﻫـ ــﻮ اﻟﺤـ ــﺪ‬ ‫اﻟﺘﺠ ـ ـ‬ ‫اﻟﻨﻬـ ــﺎ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ اﻟـ ــﺬي ﻻ ﺴـ ــﺘﻄﻴﻊ ﺗﺠـ ــﺎوزە‪ .‬واﻟﺤﻘ ﻘـ ــﺔ أن ـ ــﺎﻧﻂ‬ ‫ﺳﻮف ﻟﻦ ﻳﺘﻮﺻﻞ إ أ ﻣﻦ ﻫــﺬە اﻟﻨ ﺠــﺔ‪ ،‬ﺣـ أن ﻌﻀــﺎ ﻣــﻦ أواﺋــﻞ ﻗـﺮاء‬ ‫ﻛﺘـ ــﺎب ـ ــﺎﻧﻂ »ﻧﻘـ ــﺪ اﻟﻌﻘـ ــﻞ اﻟﺨـ ــﺎﻟﺺ« ذﻫـ ــﺐ إ أن ـ ــﺎﻧﻂ ﻟ ـ ـ ﺲ إﻻ ﻫﻴـ ــﻮم‬ ‫أﻟﻤ ـ ــﺎ ‪ ،‬ﻫﻴ ـ ــﻮم ﻜﺘ ـ ــﺐ ﺎﻷﻟﻤﺎﻧ ـ ــﺔ‪ .‬ﻟ ـ ــﻦ ﺠ ـ ــﺐ أن ﻧﺤ ـ ــﺬر اﻟﻘ ـ ــﺎرئ ﻫﻨ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫اﻻﻋﺘﻘﺎد أن ﺎﻧﻂ ﻟﻢ ﻔﻌﻞ ﺷ ﺌﺎ إﻻ أن ﻛﺮر ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻫﻴﻮم أو وﺻﻞ إ ﻧﻔﺲ‬ ‫‪34‬‬ ‫ً‬ ‫ﻟﻬﻴ ــﻮم‪ ،‬ذﻟ ــﻚ‬ ‫ﻧﺘﺎﺋﺠ ــﻪ ﻟ ــﻦ ﻄ ــﺮق أﺧ ــﺮى ﻋﻘﻠ ــﺔ ــﺪ ﻣ ــﻦ اﻟﻄ ــﻖ اﻟﺘﺠ ـ‬ ‫ﻷن ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺎﻧﻂ‪ ،‬وﻋ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﻋ اﻟﻨ ﺠــﺔ اﻟـ ﺗﻮﺻــﻞ إﻟﻴﻬــﺎ‬ ‫ﻫﻴـ ـﻮم ﺣ ــﻮل ﻣﺤﺪود ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ‪ ،‬ﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻦ ﺗﻬ ــﺪف إ ﻣﺠ ــﺮد ﺑ ــﺎن‬ ‫ﺣﺪود وﻧﻄﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟ ﺔ ﻞ ﻫﺪﻓﺖ اﻟﻤﻘــﺎم اﻷول ﻧﻘــﺪ اﻟﻤﻴﺘﺎﻓ ﻘــﺎ‬ ‫اﻟﺘﻘﻠ ﺪ ـ ـ ــﺔ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﻣﻨﻄﻠ ـ ـ ــﻖ ﻧﻘ ـ ـ ــﺪ اﻟﻤﻠ ـ ـ ــﺔ اﻟﺬﻫﻨ ـ ـ ــﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼ ـ ـ ــﺔ ﺎﻟ ﺤ ـ ـ ــﺚ‬ ‫ﻣﻮﺿ ــﻮﻋﺎت اﻟﻤﻴﺘﺎﻓ ﻘ ــﺎ و اﻟﻌﻘ ـﻞ اﻟﺨ ــﺎﻟﺺ‪ .‬وﻣ ــﻦ ﻫﻨ ــﺎ ﺴ ــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘ ــﻮل‬ ‫ــﺄن ﻫﻴ ــﻮم ﻗ ــﺪ اﺳ ـ ﺒﻖ ــﺎﻧﻂ ﺟ ــﺰء ﺻ ــﻐ وﻣﺤ ــﺪد ﻓﻠﺴ ــﻔﺘﻪ وﻫ ــﻮ ﺑ ــﺎن‬ ‫ﺣﺪود اﻹدراك اﻟﺤ وﻣﻠ ﺔ اﻟﻔﻬﻢ اﻟ ـي‪ ،‬إﻻ أن ــﺎﻧﻂ ﻗــﺪ ﻓﺎﻗـﻪ ﻤﺮاﺣــﻞ‬ ‫ﻓﺤﺺ ﻣﻠ ﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺨﺎﻟﺺ اﻟ ﻟﻢ ﻳ ﺤﺜﻬﺎ ﻫﻴﻮم ﻣﻄﻠﻘﺎ‪.‬‬ ‫ﺔ‪ ،‬أي ﻇﺎﻫﺮة إ ﺴﺎﻧ ﺔ‪،‬‬ ‫ذﻫﺐ ﻫﻴﻮم إ أن ﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬ ‫و ﻧﻌ ــﺮف ﻃﺒ ﻌ ــﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ اﻟ ـ ﺔ وﻧﻮﺿ ــﺢ اﻟ ﺴ ــﻖ اﻟﻌ ــﺎم اﻟ ــﺬي ﻀ ــﻢ ــﻞ‬ ‫اﻟﻌﻠ ــﻮم اﻟـ ـ ﻤﻜ ــﻦ أن ﺗ ﺘﺠﻬ ــﺎ اﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ ﻓ ﺠ ــﺐ اﻟ ــﺪء ﺎﻟ ﺤ ــﺚ‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ‪ .‬وﻟﻬ ــﺬا ا ﻟﺴـ ـ ﺐ ﻀ ــﻊ ﻫﻴ ــﻮم ﻋﻨ ــﻮان أﺣ ــﺪ أﻫ ــﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗ ــﻪ‬ ‫ﺗﺤ ــﺖ اﺳ ــﻢ » ﺤ ــﺚ اﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ«‪ .‬واﻟﻄﺒ ﻌ ــﺔ اﻟ ـ ـ ﺔ ﻋﻨ ــﺪە ﺗ ــﺪأ‬ ‫ﺎﻹﺣﺴـ ــﺎس و ﻤﻠ ـ ــﺔ اﻹدراك اﻟﺤ ـ ـ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ ﻣﻠ ـ ــﺔ اﻟﻔﻬـ ــﻢ اﻟ ـ ـ ﺴـ ــﺘﻘ ﻞ ﻣـ ــﻦ‬ ‫اﻟﺤﻮاس اﻧﻄ ﺎﻋﺎت ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﺄﻓ ﺎر و ﺸﺘﻐﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﻘـ ﻢ ﺑ ﻨﻬــﺎ ﻋﻼﻗــﺎت‪ .‬إن‬ ‫اﻟﻄﺒ ﻌﺔ اﻟ ﺔ اﻟ ﻘﺼــﺪﻫﺎ ﻫﻴــﻮم ﻃﺒ ﻌــﺔ ﺳـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ‪ ،‬وﻟــﺬﻟﻚ ﻓــﺈن‬ ‫ﻧﻈ ﺘﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟ ﻮﻧﻬﺎ ﺗﻌ اﻷوﻟ ﺔ ﻟــﻺدراك اﻟﺤ ـ ﻓـ ﺗﻌــﺪ ﻧﻈ ــﺔ‬ ‫ﺳ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺔ‪ .‬وﻗــﺪ ذﻫــﺐ ﻫﻴــﻮم إ أن اﻟﻌﻠــﻢ اﻟﺤﻘـ ﻟﻠﻄﺒ ﻌــﺔ اﻟ ـ ﺔ ﻫــﻮ‬ ‫ﻋﻠ ـ ـ ــﻢ اﻟ ـ ـ ــﻨﻔﺲ‪ ،‬و أن اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ــﻔﺔ اﻟﺤﻘـ ـ ـ ــﺔ ﺠ ـ ـ ــﺐ أن ﺗﻜ ـ ـ ــﻮن ﺳـ ـ ـ ـ ﻜﻮﻟﻮﺟ ﺎ‬ ‫ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺤﻘﺔ ﻋﻨﺪە ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ‪ .‬وﻗﺪ ــﺎن ﻫــﺬا اﻹﻋــﻼن ﻣــﻦ‬ ‫ﻗ ـ ــﻞ ﻫﻴـ ــﻮم ﺛﻮر ـ ــﺎ ﻋ ـ ــە‪ ،‬إذ ﻟـ ــﻢ ﺴـ ــﺒﻖ ﻷﺣـ ــﺪ ﻣـ ــﻦ اﻟﻤﻔﻜ ـ ـ ﻦ أن ﻗﻄـ ــﻊ‬ ‫ﺄﻫﻤ ــﺔ ﻋﻠ ــﻢ اﻟ ــﻨﻔﺲ اﻟﻔﻠﺴ ــﻔﺔ‪ ،‬و ــﺎن ﻫﻴ ــﻮم ــﺬﻟﻚ ﺳ ــﺎ ﻘﺎ ﻟﺴﻠﺴ ــﻠﺔ ﻣ ــﻦ‬ ‫اﻟﻤﻔﻜ ﻦ اﻟﻘﺮﻧ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋ واﻟﻌ ﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻣﻠﻮا ﻋﻠﻢ اﻟــﻨﻔﺲ ﻋـ‬ ‫أﻧــﻪ اﻟ ــﺎب اﻟــﺬي ﺠــﺐ أن ﺗــﺪﺧﻞ ﻣﻨــﻪ اﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﻟﺪراﺳــﺔ ﻣﻮﺿــﻮﻋﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺜــﻞ‬ ‫وﻟ ـ ﻢ ﺟ ـ ﻤﺲ وﻫﺮﻣ ــﺎن ﻟ ــﻮﺗﺰە وﻫ ـﻮ ل‪ .‬واﻟﻤﻼﺣ ــﻆ أن ﻫ ــﺆﻻء اﻟ ــﺬﻳﻦ أﻋﻄ ــﻮا‬ ‫‪35‬‬ ‫ﻋﻠ ــﻢ اﻟـ ــﻨﻔﺲ اﻷوﻟ ــﺔ ـ ــﺄداة ﻟﻠ ﺤـ ــﺚ ﻣﻮﺿ ــﻮﻋﺎت اﻟﻔﻠﺴـ ــﻔﺔ ﻳ ﺘﻤـ ــﻮن إ‬ ‫ﻣ ـ ــﺬاﻫﺐ ﻏﺎ ـ ــﺔ اﻻﺧ ـ ــﺘﻼف‪ ،‬ﻓ ـ ــﻮﻟ ﻢ ﺟ ـ ـ ﻤﺲ ﺑﺮاﺟﻤ ـ ــﺎ ‪ ،‬وﻫﺮﻣ ـ ــﺎن ﻟﺘ ـ ــﻮﺗﺰة‬ ‫ﻣﺜ ـ ــﺎ ‪ ،‬وﻫ ـ ـﻮ ل ﻫ ـ ــﻮ ﻣﺆﺳ ـ ــﺲ ﻓﻠﺴ ـ ــﻔﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻨﻴﻮﻟﻮﺟ ـ ــﺎ أو ﻋﻠ ـ ــﻢ ﻇ ـ ــﻮاﻫﺮ‬ ‫اﻟـ ــﻮ ‪ .‬واﻟﺤﻘ ﻘـ ــﺔ أﻧـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﻛ ـ ـ ة اﻻﻧﺘﻘـ ــﺎدات واﻟﻬﺠـ ــﻮم اﻟـ ــﺬي ﺗﻌﺮﺿـ ـﺖ ﻟـ ــﻪ‬ ‫ﻓﻠﺴ ــﻔﺔ ﻫﻴ ــﻮم ﻣﻨ ــﺬ أن ﻇﻬ ــﺮت ﻫ ــﺬە اﻟﻔﻠﺴ ــﻔﺔ وﻃ ــﻮال اﻟﻘ ــﺮون ﻣ ــﻦ اﻟﺜ ــﺎﻣﻦ‬ ‫ﻋ ـ إ اﻟﻌ ـ ﻦ ﻗــﺪ ﺟﻌــﻞ ﻣﻬﺎﺟﻤ ــﻪ ﻻ ﻳ ﺘﺒﻬــﻮن إ ﺗــﺄﺛ ە اﻟﻘــﻮي ﻋـ ــﻞ‬ ‫اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔ ﺔ ﻣﻦ ﻌﺪە‪.‬‬ ‫‪36‬‬